كانت ردود أفعال اللواء عادل نجيب نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية مرتبكة، ليس لأنه لا يملك حججا يرد بها أمس على أسئلة منى الشاذلى فى برنامج العاشرة مساء، ولكن لأنه لا يتصور أساسا أن من حق أى مواطن أن يختلف مع الهيئة التى يمثلها، ولذلك استخدم فى مواجهة المهندس حمدى الفخرانى تعبيرات من نوع البلبلة وإشاعة أخبار كاذبة، رغم أن الرجل يستند إلى حكم قضائى صريح بإلغاء عقد مدينتى.
الرجل معذور فهو من خلفية عسكرية لا تعرف المناقشة والحوار، لا تعرف سوى السمع والطاعة، لذلك لا يدرك أن المعرفة حق للمجتمع فى الشئون المدنية وليس العسكرية طبعا، وليس له أو لغيره أن يحتكر هذه المعرفة لنفسه، فهذا مخالف للدستور والقانون وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وأن من حق الناس أن تعرف لماذا تم تخصيص 7% فقط من شقق وفيلات المدينة لهيئة المجتمعات العمرانية مقابل أرض المدينة لشركة هشام طلعت مصطفى، وأن ما قاله حول أن هذا استند الى دراسات ليس إلا تهربا من الإجابة المباشرة على سؤال مباشر.
لكن الحقيقة أن اللواء نجيب ليس حالة استثنائية، ولكنها طريقة فى الأداء للقادمين من خلفيات عسكرية، سواء من الجيش أو الشرطة. ومع الإقرار بأن هذه الطريقة العسكرية فى الإدارة حققت وتحقق نجاحات فى الجيش، وضرورية لكى يحقق جهاز الشرطة الأمان، فإنها لا تصلح لإدارة الحياة المدنية التى تحكمها قواعد وشروط أخرى بالطبع تتناقض مع أى طابع عسكرى.
أتذكر منذ عدة سنوات تشرفت بمقابلة رئيس أحد أحياء المعادى، كان الرجل عسكريا منضبطا ومخلصا وشريفا فى أداء عمله، ولكنه غير قادر على سماع وجهات نظر الأخرى، وغير قادر بالطبع على أن يدير حوارا مع مواطنين، بل وفى غمرة حوارنا قال لى بصراحة إن المدنيين لا يصلحون لإدارة شئونهم، فهم لا يعرفون سوى الفوضى والتسيب، وبالتالى فلا يمكنهم القيادة.
ورغم وجاهة رأى السيد اللواء، إلا أنك لو راجعت أداء المحليات، فلن تجد إنجازا حقيقيا، فسوق الجمعة الذى احترق مؤخرا، وقبلها مأساة الدويقة، والكوارث التى حدثت فى السيول وغيرها، وغيرها، كلها مؤشرات على أن معظم القادمين من خلفيات غير مدنية لم يحققوا نجاحا ملموسا فى الحياة المدنية. فعسكرة جهاز الدولة وخاصة فى المحليات ليست هى الحل، ولكن المزيد من الديمقراطية والشفافية، هذا يحققه مدنيون أكفاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة