لقد تباينت الآراء حول خطاب الرئيس مبارك فى عيد العمال، فقد وصفه المعارضون بأنه مخيب للآمال، بينما وصفه الموالون بأنه قمة الصراحة والشفافية وحمل بين طياته مبشرات للجميع، أما أنا فأرى أن الخطاب مس قضايا هامة لكنه لم يضع حلولا للمشاكل المزمنة التى يعانى منها المجتمع المصرى.
فكلنا كنا ننتظر ردودا شافية على ما نعانيه من مشاكل يومية أتعبت الجميع، خاصة أنه جاء فى توقيت حرج، يتصارع فيه الوطنى والقوى السياسية بشراسة، فكان من المفترض أن يكون الخطاب خريطة طريق للمرحلة المقبلة، يظهر فيها بوضوح تغيرات جوهرية تخرج الجميع من حالة اليأس والإحباط التى تجتاح مختلف القطاعات.
فكنا ننتظر قرارات حاسمة فى قضية الأجور التى تؤرق البيت المصرى الذى يعانى من الارتفاع الهستيرى للأسعار لكن عن هذا الأمر قال الرئيس "وأقول لكم بكل الصدق إن أية مراجعة لهياكل الأجور لابد أن تدرك العلاقة الأساسية بين الأجور والإنتاجية، وإلا فإن أية زيادة غير واقعية فى الأجور لا تعكس مستوى الإنتاجية ستؤدى إلى تراجع قدرتنا التنافسية.. وانحسار فرص العمل.. وزيادة التضخم.. فهل هذا ما نريده؟.. وهل هذا ما يعود بالنفع على المجتمع بأكمله.. ويدعم قدرتنا على زيادة الاستثمار والنمو والتشغيل؟." وبذلك فقدنا الأمل فى أى إصلاح حقيقى يطرأ على الأجور فى المرحلة المقبلة.
بل كان المصريون يحلمون أن يغير الرئيس موقفه من التعديلات الدستورية الأخيرة، ويكون خطابه خطوة نحو التخلص من القيود التى فرضتها تعديلات المادتين 76 و77 على الحريات وإبعاد القضاء عن صناديق الانتخابات، وحرمان الأكفاء من الترشح للرئاسة إذا لم يستطع الحصول على نسب الأصوات المطلوبة للتمكن من ذلك، لكن جاءت كلمات الرئيس واضحة تؤكد عدم تغير الدستور فى المرحلة المقبلة حيث قال "لا مجال فى هذه المرحلة الدقيقة.. لمن يختلط عليه الفارق الشاسع بين التغيير والفوضى.. وبين التحرك المدروس والهرولة غير محسوبة العواقب.. أو لمن يتجاهل ما اعتمده الشعب من تعديلات دستورية منذ عام 2005، وما يتعين أن يتوافر للدساتير من ثبات ورسوخ واستقرار".
ولا أنكر أن الأمل كان يراودنى فى إقدام الرئيس مبارك على مصالحة وطنية شاملة، مع كل معارضى النظام، من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، حتى يجتمع شتات الوطن على قلب رجل واحد، لنبنى جميعا مستقبلا نتجاوز منه ماسي الماضى، لكن جاءت كلمات الرئيس لتؤكد استمرار حالة الصراع بين النظام والمعارضة فقد قال "وأقول لمن يرفعون الشعارات ويكتفون بالمزايدة.. إن ذلك لا يكفى لكسب ثقة الناخبين.. وإن عليهم أن يجتهدوا لإقناع الشعب برؤى واضحة تطرح الحلول لمشكلاتنا.. عليهم أن يجيبوا على تساؤلات البسطاء من الناس.. ماذا لديهم ليقدموه لهم؟.. ما هى سياساتهم لجذب الاستثمار وإتاحة فرص العمل؟.. ما هى برامجهم لرفع مستوى معيشة محدودى الدخل منا؟.. كيف يرون التعامل مع مخاطر الإرهاب على بلدنا وشعبنا؟.. وما هى مواقفهم من قضايا سياستنا الخارجية فى منطقتنا.. والعالم من حولنا؟." وذلك أكد لنا أن "الطوارئ" ستكون ضيف ثقيل على حياتنا فى المرحلة المقبلة.
ولا أخفيكم أن مثقفى مصر أصابهم ما أصابنى، من فقد الأمل فى حدوث تغير جوهرى فى سياسات النظام الحاكم، بالرغم من حالة الحراك السياسى التى تشهدها مصر حاليا، وكم الاعتصامات والمظاهرات التى ملأت أرجاء المحروسة، لكن لن نيأس فلن يموت حق ورائه مطالب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة