بين الحين والآخر يثبت لنا الغرب أن ما ينادى به من إطلاق الحريات، وتدعيم قيم الحريات الشخصية، ما هو إلا أقنعة يتباهى بها أمام المخدوعين بهم، فى حين نجده يظهر بوجهه القبيح العنصرى إذا ارتبط الأمر بالأقليات الإسلامية لديهم.
وخير دليل على ذلك تصميم بعض الدول الغربية على مصادرة حرية المنتقبات، وذلك من خلال تشريع قوانين عقابية على المنتقبات إذا تمسكن بارتداء النقاب، كما حدث فى فرنسا، حيث أقرت الحكومة الفرنسية الأربعاء الماضى مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة، رغم تحفظات قانونيين وممثلى مسلمى فرنسا على هذا القانون.
بل ووصل الأمر إلى أن الرئيس نيكولا ساركوزى أعلن خلال الجلسة التى عقدها مجلس الوزراء لبحث هذا المشروع خلال الأسبوع الماضى أن فرنسا لن تتراجع عن هذا القانون، وأكد ذلك بقوله "فى هذه القضية تسلك الحكومة، وهى مدركة تمام الإدراك، طريقا صارما لكنه عادلا"!.
وذلك بالرغم من رفض مجلس الدولة لهذا القانون وهو أعلى هيئة قضائية إدارية فى فرنسا، حيث اعتبر أن حظر النقاب فى الشارع يفتقر إلى أساس قانونى.
لكنها العنصرية العمياء التى دفعت المتطرفين إلى الإساءة لسيد البشر رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -، بل هى العنصرية التى اغتالت شهيدة الحجاب مروة الشربينى، وهى العنصرية التى دفعت بابا الفاتيكان للتطاول على الشريعة الإسلامية، والنيل من الإسلام ورسوله، وهى أيضا العنصرية التى جعلت المسلمين فى الغرب مواطنين من الدرجة العاشرة، يحرمون من حقوقهم، ويمنعون من الوظائف الكبرى.
وكلنا يعلم أن سبب كل هذا العداء للإسلام والمسلمين فى الغرب يعود لسرعة انتشار الإسلام فى هذه الدول، ولعل خير دليل على ذلك ما قاله المتطرف الهولندى فيلدرز صاحب فيلم الفتنة: "للمرة الأولى أعرب المواطنون فى أوروبا عن معارضتهم للأسلمة"، وذلك تعليقا على موقف دول أوروبا من حجاب المسلمات، بل ما قام به قس ألمانى من حرق نفسه فى أحد ميادين ألمانيا، اعتراضا على انتشار الإسلام "بسرعة البرق" بين الأوروبيين يعد دليلا واضحا على الحالة الهيستيرية التى وصل إليها هؤلاء المتطرفون الغربيون.
لقد أصبح اليمين المتطرف مطلق اليد فى الغرب، ويشكل الرأى العام هناك، وقد تنامى هذا التيار خلال العقدين الأخيرين، وأصبح مؤثرا بقوة فى القرار السياسى، ويتصدى بكل قوة لتواجد المسلمين هناك.
إنه توتر مخلوط بخوف وحقد يدفع هؤلاء إلى إظهار العداء بهذه الصورة الفاضحة لكل ما هو إسلامى، ولا يبقى لنا إلا أن نزداد تمسكا بحقنا فى الدفاع عن إخواننا فى الغرب، ونفعل كل ما نملك من وسائل سلمية من أجل صد هؤلاء المتطرفين، وإجبارهم على احترام معتقداتنا وحريتنا الشخصية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة