هل تتذكرون التصريحات الشهيرة للرئيس السادات، رحمه الله "قلة مندسة"، والتى كان يقولها دائما بعد انتفاضة 18 و19 يناير 1977، التى وصفها بأنها "انتفاضة حرامية"، وهو ما حسمته أحكام القضاء، وأدانت الحكومة وقتها وأنصفت من خرجوا للاحتجاج السلمى.
تنويعة أخرى على هذه التصريحات، يرددها بعض المسئولين الحكوميين الآن، ومنها وزيرة القوى العاملة، عائشة عبد الهادى، وأنا أحترمها، رغم اختلافى معها أحيانا، فقد قالت منذ عدة أيام، أن هناك قوى سياسية وراء اعتصام العمال، وأضافت: هناك قوى بعض التيارات السياسية تحاول الدفع يوميا بعشرات العمال ليعتصموا، ويجب عدم اللعب بقضايا العمال بهذا الشكل".
الوزيرة ليست الوحيدة، فمنذ عدة أسابيع، حسبما نشرت وكالة رويترز، قال وزير الاستثمار محمود محى الدين: بعض ساسة المعارضة يسعون لاستغلال القضايا العمالية مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى 2011.
هذا المنطق فاسد، لأنه يريد الإيحاء بأن المشكلة فى هذه "القلة المندسة" من الأشرار، و ليست فى حقوق العمال المهدرة، ولا فى الطريقة الكارثية التى تم بها بيع هذه الشركات، فكما قال الأستاذ كرم جبر فى مقال له بجريدة روزاليوسف، لقد فعلت الحكومة مثل الأب الذى يريد التخلص من عبء تربية ابنته، فزوجها لأول من دق بابه، وكانت النتيجة أنها عادت مطلقة ومعها جيش من الأطفال.
كما أن هذه الحجج الحكومية تفترض أن العمال سذج يمكن أن يجرهم هذا أو ذاك فى الطريق الذى يريده، وهذا غير صحيح بالطبع، فتجربة الاحتجاجات الفئوية فى السنوات الأخيرة تؤكد أن الناس لا تحيد عن مطالبها من أجل هذا التيار أو ذاك، بل ولأنهم يحفظون هذه الحكومة، فهم يتجنبون الاحتكاك بمعارضيها.
ثم إنه أمر طبيعى أن تتفاعل القوى السياسية المعارضة مع مثل هذه الأزمات، بل ومطلوب، بما فيها "تسخين العمال"، وتضغط على الحكومة لتحقيق أقصى المكاسب لنفسها، فهذه هى السياسة وهذه هى الديمقراطية.
أليس كذلك؟!
اعتذار:
بسبب رحلة عمل لخارج مصر.. أسـتأذن القارئ الكريم الذى يتحملنى كثيرا، فى أجازة فى الغالب لن تزيد عن أسبوع، وربما تكون أقل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة