علاء صادق

معايير تقييم اللاعبين عند وزير الرياضة

الثلاثاء، 18 مايو 2010 07:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أصدق ما سمعته بأذنى من رئيس المجلس القومى للرياضة المهندس حسن صقر (وهو يمثل وزير الرياضة فى أى دولة) فى حواره الطويل مع الزميل إبراهيم حجازى فى برنامج (فى دائرة الضوء) عبر قناة النيل للرياضة.
الوزير الرياضى فى الماضى والحاضر اتهم الأندية الكبرى لاسيما الأهلى والزمالك بالإسراف الشديد فى رواتب ومكافآت وعقود اللاعبين فى كرة القدم.. وأشار ضمنا فى حديثه إلى أن أسعار انتقالات اللاعبين تمثل نوعا من السفه فى سوق اللعبة فى مصر.. وكان الوزير واضحا فى تأكيده على عدم وجود معايير لأسعار ورواتب اللاعبين، مما أدى إلى ارتفاعها.. وأن المعايير يجب أن تشمل عمر اللاعب ومهاراته وتاريخه ولياقته البدنية وأمور أخرى.. وأن الأندية يجب أن تتحد لإيقاف المد الجنونى لارتفاع أسعار اللاعبين حتى لا تصاب الأندية كلها بالإفلاس.
وللأسف.. يمكن أن يصدر هذا الكلام من خبير اقتصادى لايعرف شيئا عن الرياضة.. أو من أحد العاملين فى قطاع البترول أو السياحة.. أما وأنه يصدر من رجل الرياضة الأول حكوميا فى مصر فهو أمر غير مقبول على الإطلاق ويحتاج المراجعة.
أولا الأسعار زادت بالفعل.
رواتب اللاعبين كانت بضعة قروش فى عصر الهواية الخالصة فى مطلع القرن الماضى.. ووافقت إدارة الأهلى عام 1916 على صرف مبلغ ستين قرشا لفريق كرة القدم لاستضافة الضيوف ومنحهم أكواب الشاى وقطع الجاتوه. وتطور الأمر إلى جنيهات لاتتجاوز العشرة فى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.. ثم تضاعفت الأرقام فجأة لتتجاوز المئات مع مطلع السبعينيات، وهو العقد الذى انفجرت خلاله رواتب اللاعبين وأسعارهم فى كرة القدم المصرية.
وعندما دخل الاحتراف عمليا إلى الكرة المصرية عام 1990 وتحولت السوق إلى الانفتاح المشابه للسوق العالمية، سمعنا وللمرة الأولى عشرات الألوف ثم مئات الألوف ودخلنا فى الملايين وأخيرا عشرة ملايين وربما أكثر. التطور طبيعى جدا فى الأسعار بين اللاعبين، سواء فى الرواتب أو فى العقود، أو عند الانتقالات بين الأندية، لأن تلك الزيادات مماثلة للأسعار فى كل شىء فى الدنيا. ونذكر أن النجم الراحل بدوى عبدالفتاح انتقل من نادى الترسانة إلى فريق البحرية المشارك فى الدورى الممتاز عام 1963 مقابل 2500 جنيه.. ولاحظ أنه من الترسانة إلى البحرية.. وليس بين الأهلى أو الزمالك.. وكانت سعر النسخة اليومية من الصحيفة (الأهرام أو الأخبار) فى تلك الفترة قرش صاغ واحدا.
اليوم أصبح سعر نسخة الصحيفة نفسها 150 قرشا، أى أن السعر تضاعف 150 مرة.. ولوطبقنا نفس التضاعف فى السعر على اللاعب سيصل سعره إلى نصف مليون جنيه تقريبا. وزير الرياضة غاضب لأن سعر انتقال لاعب من ناد إلى ناد آخر فى مصر يصل إلى 5 أو7 أو8 ملايين جنيه، وأن عقود بعضهم تتجاوز المليون وقد تصل إلى المليونين سنويا.. ويطالب الأندية بعدم تجاوز حد المليون عند الانتقالات ومبالغ أقل للعقود.
وأسأله: وهل تبيع الأندية لاعبيها للخارج بالأسعار الهابطة التى تطالب بها؟ وهل نعيش نحن فى عزلة عن العالم لنحدد الأسعار وفقا لأهوائنا؟ وهل نملك السلطة لإبقاء اللاعبين أسرى فى أنديتهم طوال مشوارهم مع اللعبة؟
هل نسى وزير الرياضة أن أكبر وأشهر وأغلى لاعب كرة قدم مصرى فى السنوات الأخيرة تمرد على الراتب العملاق والعقد الضخم الذى يتقاضاه من ناديه وهرب ألى أوروبا دون إذن بحثا عن أموال اكثر؟ ولم يتمكن الأهلى أكبر الأندية المصرية وأغناها وأقواها من الحصول حتى الآن على حقوقه المشروعة سواء من عصام الحضرى حارسه الذى هرب، أو من نادى سيون السويسرى الذى استفاد من خدمات وجهود الحارس.
هل يعتقد وزير الرياضة أننا قادرون على سجن اللاعبين فى ظل قوانين دولية صارمة تمنح للاعبين حقوقا عملاقة فى مدة العقود وفى قيمتها وفى أمور أخرى تكفلها قوانين حقوق الإنسان؟
نحن نعيش فى زمن مختلف.. ونعيش فى فضاء مفتوح.. ونعيش فى سوق عالمية واضحة.. ولن نتمكن من الانزواء أو الاختفاء لا فى كرة القدم ولا فى أى مجال آخر. وإذا حاولت الأندية تطبيق المبادئ الخاطئة التى يشير إليها وزير الرياضة فى تحديد الاأسعار، وقلل الأهلى عقد نجمه عماد متعب، أو قلل الزمالك عقد شيكابالا.. سيجد اللاعبان غدا الفرصة سانحة للانتقال بالقانون واللوائح الدولية التى يطبقها الفيفا.. وينتقلان إلى أندية أوروبا أو على أقل تقدير إلى أندية الخليج، ولا أبالغ إذا قلت إلى ناديى السودان الكبيرين (الهلال والمريخ) بعقود تزيد أربعة اضعاف على الأقل على العقود الهزيلة التى يعتقد وزير الرياضة أنها ممكنة التطبيق فى مصر.
لوائح كرة القدم فى الفيفا تمنح للاعب الفرصة عند نهاية عقده للانتقال الحر من ناديه إلى أى ناد آخر دون عودة الى النادى الأول.. بل تمنحه الفرصة للتعاقد الباكر والحصول على أموال من ناديه الجديد فى الشهور الستة الأخيرة لعقده مع ناديه الأول.
ولا يجوز لأى ناد وتحت أى ظروف أن يتعاقد مع أى لاعب مهما كان عمره لأكثر من خمس سنوات متتالية، وفى بعض الحالات لايزيد التعاقد على ثلاث سنوات.. كما أنه يحق للاعب فسخ عقده مع ناديه من طرف واحد إذا قلل النادى عقده أو لم يلتزم بالعقد.
الدنيا تغيرت يا سيادة الوزير.
والأسعار تغيرت فى كل الدنيا.
وعلينا أن نواكب الدنيا والأسعار إذا أردنا التقدم والانتصار.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة