التظاهر طريقة من طرق التعبير السلمى عن الغضب الشعبى، وهو حق منحه القانون والدستور للمظاليم، ورغم ذلك نجد أن النظام المصرى مازال يتعامل معنا على أننا قُصر، لا نعلم أين مصلحتنا ومصلحة الوطن، متصورين أن عناترة الحزب الوطنى ورجالات وزارة الداخلية هم فقط الذين يحرصون على مصلحة هذا البلد.
لذلك نجد أن كل من يحاول أن ينزل للشارع مطالبا بالحرية يكون مصيره التنكيل والاعتقال، ولعل ما حدث أمس من اعتقال عشرات المواطنين الأشراف من شوارع القاهرة والإسكندرية، خير دليل على الغباء السياسى لهذا النظام.
فقد تحول يوم 6 إبريل فى نظر حاكمى هذا البلد لبعبع، وتعاملوا معه على أنه لابد يكون عبرة لمن يعتبر، وتكون عصا الأمن هى الأعلى صوتا، وبالفعل قام أشاوس الداخلية باعتقال 70 ناشطا سياسيا من حركة 6 إبريل وحزبى الغد والجبهة والحملة المستقلة لدعم البرادعى بميدان التحرير وأمام مجلس الشعب.
كما اشتبكت قوات الأمن مع النشطاء خلال استعداداتهم لتنظيم وقفة احتجاجية للمطالبة بإلغاء قانون الطوارئ، وتعضيدا لمسودة قانون مباشرة الحقوق السياسية الذى تقدم به 100 نائب إخوانى ومستقل.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وجدنا أشاوس الأمن اعتقلوا 5 من شباب الإسكندرية، أثناء إعدادهم لوقفةً احتجاجيةً نظَّمتها حركة شباب 6 إبريل هناك، ضد تمديد قانون الطوارئ، والمطالبة بتعديل مواد 67 و77 و88 من الدستور.
بل تطور تعامل وزارة الداخلية مع بعبع 6 إبريل، حيث نشروا لأول مرة شرطة نسائية بميدان التحرير وعبد المنعم رياض، بالطبع لمنع أى مظاهرات نسائية ولمراقبة وتفتيش السيدات المشتبه فيهم سياسيا، وتلقينهم دروسا فى العضلات المفتولة التى تمتلكها نساء الشرطة!.
وإحكاما للقبضة الأمنية على وسط البلد قام الأمن بتحزيم المنطقة بحزام أمنى، وكانوا على استعداد بالفتك بأى شخص تسول له نفسه بمخالفة تعليمات البشوات.
وأرى أن النظام أراد أن يؤكد لمعارضيه من خلال ما قام به أمس أنه مصمم على الاستمرار فى طريق الإقصاء لمخالفيه، وأن الإصلاح المنشود لن يكون على أجندة حكومتنا فى المرحلة المقبلة، وأن التعامل الأمنى مع المعارضين سيزداد ضراوة.
وما يدل ذلك إلا على الغباء السياسى الذى لا يجعله يرى إلا عصا الأمن الغليظة لإخراس معارضيه، وذلك بالرغم من أن لديه فرصة لتحسين أوضاعه وصورته أمام الرأى العام فى العامين القادمين، وذلك من خلال الاستجابة لمطالب الشعب، وإجراء مصالحة وطنية، وتعديلات دستورية، والتخلص من المحتكرين والمفسدين، بذلك يستطيع النظام أن يعود للمشهد لسياسى بقوة، ويصبح قوة سياسية يحسب لها ألف حساب، لكنه الغباء السياسى الذى سيذهب به لمزبلة التاريخ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة