نقابة الصحفيين كانت وستكون دوماً قلعة الحريات فى مصر، وتحطم على صخرتها كل سفن الاستبداد ومحاولات النيل منها، وفشلت كل المخططات التى استهدفت تقييدها بقوانين نقابية مجحفة لأصحاب الأقلام المصرية الشريفة، ولعل خير دليل على ذلك المعارك التى خاضها الصحفيون المصريون بنجاح ضد محاولات العبث بقواعد القيد والتأديب عامى 1988 و1993، ومعركة إسقاط القانون 93 لسنة 1995.
لكن المتربصين بنقابتنا لم ييئسوا ومازالوا يحاولون تكميم أفواهنا، مستغلين وجود نقيب حكومى يحاول إرضاء النظام الذى دعمه فى الوصول لمنصبه، وآخر هذه المحاولات قيام المستشار القانونى للنقابة بمباركة النقيب بعمل مسودة مشروع قانون جديد للنقابة، ومن أهم ملامحه الآتى:
ـ من أهداف مشروع القانون الجديد مواجهة القلة، التى تستخدم لغة التجريح والسب والطعن فى الأعراض ونشر الأخبار المفبركة، والتى تخوض معارك الغير بالوكالة عنهم، على أن تتم محاسبة هؤلاء تأديبياً بشكل فورى ودون انتظار تقديم شكوى من المضارين، أو انتظار مبادرة النيابة بإحالة بعض التحقيقات للنقابة.
ـ تعديل التشكيل الحالى للجنة التحقيق النقابية وهيئة التأديب الابتدائية باستبعاد أعضاء مجلس النقابة من عضويتهما حتى يتيح التشكيل الجديد لأعضائه "غير محددين" حرية إصدار القرار المناسب دون أى ضغوط.
ـ يقوم مجلس النقابة بتحديد حد أقصى لعدد من يمكن قبوله بجداول النقابة كل عام على ضوء متطلبات المهنة وسوق العمل.
ـ إجراء اختبار "تحريرى وشفوى" بمعرفة كلية الإعلام للمتقدمين للقيد بجداول النقابة واعتباره شرطاً لعضوية النقابة.
ـ إضافة عنصر قضائى إلى تشكيل لجنة القيد للتصدى للمسائل القانونية.
ـ رفع قيمة رسوم القيد فى جداول النقابة، وتعظيم الغرامات التأديبية لتعادل الغرامات المالية المقررة فى جرائم النشر والمنصوص عليها فى قانون العقوبات "عشرات الآلاف من الجنيهات".
ـ رفع رسم الاشتراك السنوى للأعضاء ليتواءم مع مثيلاته بالنقابات المهنية المناظرة.
وبالطبع أظهرت بنود مسودة هذا القانون المشئوم المقترح، أنه يعتمد على مشاركة أناس لا صلة لهم بنقابتنا والمهنة، ويحاولون من خلاله فرض هيمنة المجلس الأعلى للصحافة علينا، خاصة أن مذكرة المستشار القانونى تطلب من مجلس النقابة الموافقة على تشكيل لجنة تضم من بين أعضائها ممثلين للمجلس الأعلى للصحافة يختارهم رئيسه، وأعضاء من قسم التشريع بمجلس الدولة وأساتذة بالجامعة، من أجل إعداد مشروع القانون المزعوم!
بل هذه البنود تؤكد لنا، فرض قيود جديد على الصحفيين الشباب وحرمانهم من الانتساب لنقابتهم وتحميل الصحفيين أعباء جديدة برفع الاشتراك السنوى، وذلك بدلاً من أن يقوموا بحث الدولة على وضع كادر خاص للصحفيين وحد أدنى للأجور يضمن للصحفيين حياة كريمة.
بل نلمح من السطور السابقة سعى الحكومة بجدية لإخراس أصوات الصحفيين فى المرحلة المقبلة، من خلال سحب كل صلاحيات النقابة ووضعها فى أيدٍ حكومية تسمع وتطيع لهم، كما تستهدف إنهاء ولاية النقابة على جداولها، وإلغاء مسئوليتها الدستورية والقانونية عن محاسبة وتأديب أعضائها، وبذلك يكون من السهل عليهم ذبح أى صحفى يتعدى الخطوط الحمراء التى يضعها النظام.
لكن هؤلاء نسوا أمراً جوهرياً وهو إرادة الصحفيين التى أفسدت عليهم كل مخططاتهم السابقة، ووحدة الصحفيين التى تمثل صخرة تتحطم عليها هذه المحاولات المشبوهة، وقوة أصحاب القلم الذين يعتبرون فرسان الدفاع عن مصلحة الوطن والمواطنين، وبالطبع سيكونون أكثر شراسة إذا اُستهدفت نقابتهم أو حريتهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة