بالطبع هى فضيحة كبرى، رغم أنها تثبت ما هو معروف، وهو أن الدولة العبرية معتادة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، منتهكة أية قوانين وأية مواثيق دولية، فيكاد يكون هذا منهجا دائما أيا كانت نوع الحكومة، وأيا كانت الأحزاب التى تشكلها.
ربما يكون الجديد هذه المرة، طبقا لما نشرته جريدة الدستور الأسبوعية، هو النقاش المحتدم حول حق وسائل الإعلام فى نشر معلومات يعتبرها الجيش وقادة الدولة الإسرائيلية أسرارا عليا، فى حين يرى كثير من الصحفيين أن من حق المجتمع أن يعرفها، فهى ليست أسرارا ولكنها جرائم لابد من معاقبة المسئولين عنها.
المستندات التى تمت سرقتها من مكتب قائد المنطقة الوسطى خطيرة، أولا عددها يصل إلى 2000 مستند عسكرى، وهذا رقم ضخم، وثانيا أنها تتضمن أوامر بتنفيذ عمليات اغتيال لنشطاء المقاومة فى الضفة الغربية، حتى لو كانوا فى وسط مدنيين، ولذلك فالجريمة مضاعفة، والأكثر فجاجة هو الإصرار على عمليات الاغتيال رغم قرارات المحكمة العليا عندهم بحظرها.
الوثائق سرقتها "عنات كام" وهى محررة فى موقع "والا" الإخبارى أثناء فترة خدمتها فى مكتب قائد المنطقة الوسطى، وتتضمن أيضا معلومات مهمة حول ما يسمونه عملية "الرصاص المصهور"، وهو الاعتداء الوحشى على غزة، ناهيك عن الاستعدادات التى يقوم بها الجيش الإسرائيلى فى حالات الطوارئ.
فى البداية وكما هو متوقع، تم منع نشر هذه الوثائق فى الصحافة الإسرائيلية، وهو ما جعل الصحفى الإسرائيلى "أورى بالو" ينشرها فى بريطانيا والولايات المتحدة، لأنه هو وصديقته التى سرقت المستندات يؤمنان بأن تسريب هذه الوثائق لا يمس أمن الدولة، ولكن الهدف هو محاسبة المسئولين عن جرائم الاغتيالات وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى، وقال "أورى" إن ما فعله هو دفاعا عن حرية الصحافة وأنه مستعد لدفع الثمن أيا كان.
وانتقل الأمر إلى الصحافة الإسرائيلية التى أعادت النشر، والتى تنقل ردود أفعال كل الأطراف، فضلا عن النقاش الحاد حول السؤال: أين يقف حق المجتمع فى المعرفة، وأين تبدأ الأسرار العسكرية؟
سؤال مهم، أرجوا ألا يضيع، كما يحدث دائما، فى هوس إثبات ما هو مثبت فعلا، وهو العمليات الإجرامية للدولة العبرية، وتنسى السلطات الحاكمة من المحيط إلى الخليج، بما فيها غزة والضفة، أن الذى أتاح لنا هذه الأدلة، هو صحافة حرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة