لم يتبق من الموقع العظيم إسلام أون لاين سوى رسائل sms، تحمل مواعظ دينية ساذجة، ستجدها بوفرة فى آلاف المواقع السلفية، وعلى منابر المساجد والزوايا، فالإدارة الجديدة للموقع تعيد إنتاج ما هو موجود بالفعل.. فهل خاضوا هذه الحرب الضروس ضد زملائنا الصحفيين، وانقلبوا على السياسة التحريرية من أجل بيع بضاعة "بايته"؟!
لا أظن أن هدفهم فقط هو إعادة الإنتاج، فالقائمون على جمعية البلاغ الثقافية القطرية مالكة الموقع، يتصورون أن هذا هو الإسلام، الإسلام السلفى الذى لا يتجاوز حدود التقليد، ولا يتجاوز حدود مجموعة من النواهى تصل إلى تحريم كل شىء وأى شىء، لنصل إلى التدين الأكثر تشددا وأقل رحمة وتسامحا.
فى حين أن الموقع قبل الانقلاب الأخير، وقبل الإطاحة الغير أخلاقية بزملائنا فيه، كان منبرا لما يمكن أن نسميه الإسلام الحضارى، فلم يكن هدفه حشر الناس داخل مجموعة من النواهى فى أدق تفاصيل حياتهم، ولم يكن هدفه رسم طريق مزعوم للجنة، ولكن كان الهدف هو الوصول إلى جوهر الدين الإسلامى العظيم، بمعناه القيمى والحضارى والأخلاقى، والتفاعل من على هذه الأرضية مع كل شئون الحياة، وكما قال لى الزميل العزيز هشام جعفر رئيس التحرير السابق، فصل القيمة عن وسائل التعبير عنها، أى زرع القيمة، وترك الناس أحرارا ليتناقشوا عن كيفية تحقيقها.
هذا المسار الحضارى للموقع فى عهده السابق كان ينمى المشتركات الوطنية والإنسانية، ولذلك لم يتورط القائمون عليه فى الاعتداء على حقوق غير المسلمين، ولم يتورطوا فى صياغات طائفية، بل وكانوا يتعاملون مع شئون المسلمين فى العالم بدون عداء للآخر فى الغرب أو الشرق، رغم أنها تجارة جماهيرية مربحة.
الخطورة فى السياسة التحريرية الجديدة، أنها ستساهم فى إغراقنا أكثر وأكثر فى هذه المفاهيم السلفية، والتى نعانى من هجومها الإعلامى الكاسح، ونعانى من تغلغلها فى نسيج مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ولا تجد من يتصدى لها بشكل كاف، فهى فى المدى المنظور لا تشكل خطرا على الحكومات، بما فيها حكومة قطر.. ولكنها فى الحقيقة تقدم الدعم الفقهى والفكرى للإرهاب، فمنها خرج تنظيم القاعدة، ومن عباءتها خرجت كل الحركات المسلحة فى العالم.. فهى بدون أى مبالغة الخطر الأكبر على الإسلام والمسلمين، بل وعلى الإنسانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة