سعيد شعيب

أوجاع نجع حمادى

الأحد، 07 مارس 2010 12:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انفطر قلبى عندما قرأت كتاب "دماء فى مزود المسيح" الذى يوثق لتداعيات مجزرة نجع حمادى، فقد رصد الزميلان نادر شكرى وأمير الصواف لحظات الرعب التى اجتاحت محافظة قنا فى أعقاب الاغتيال المروع لمسيحيين ومسلم أمام باب الكنيسة. هؤلاء الذين أغلقوا بيوتهم على أنفسهم بالأيام خوفا من الخروج للشارع، ومرعوبين أكثر اقتحام بيوتهم وقتلهم، من قبل هؤلاء الذين كانوا "يتمشون" فى الشوارع حاملين الأسلحة.

هذا التوثيق فى منتهى الأهمية حتى لا ننسى، فما حدث فى نجع حمادى لم يكن كما حاول الحزب الحاكم تصويره باعتباره جريمة فردية جنائية، فهى جريمة طائفية، فالقتل لم يكن شخصيا، ولكنه موجه ضد أصحاب دين. ناهيك عن التداعيات التى شملت اعتداءات لم تكن أيضا بناء على خلافات شخصية، ولكنها نابعة من متطرفين كانوا يحاربون كل المسيحيين.
الكتاب الصغير أصدرته جريدة وطنى، واعده الزميل روبير الفارس، ومن محاسنه الهامة أن الزملاء القائمين عليه رصدوا ردود الفعل بأمانة، بما فيها رد فعل مسلمين كانوا بالطبع ضد هذه الهمجية. ومن محاسن الكتاب أيضا أنه جمع ردود فعل غاضبة على المجزرة المؤلمة من كُتاب وصحفيين مسلمين ومسيحيين، وهو ما يرسخ أن ما حدث فى نجع حمادى وغيرها من اعتداءات ليست قضية مسيحيين فقط، ولكنها قضية البلد كلها، الذى يتعرض بعض أبنائه لظلم غير معقول.

لكن التوفيق خان الزملاء فى العنوان، لأنه نقل القضية من خانة حقوق المواطنة المتساوية التى يجب أن ندافع عنها جميعا، إلى الأرضية الدينية، وهذا خطر، فالأمر لا يخص المسيحيين وحدهم، لكن لكل المصريين الذين يتعرضون لانتهاكات بسبب دينهم أو معتقداتهم، ومنهم على سبيل المثال البهائيون ومعتقلون منذ سنوات بسبب أفكارهم.

لعلنا نذكر أن نيلسون مانديلا ورفاقه لم يحرروا جنوب أفريقيا بسلاح العنصرية، ولكنهم دافعوا عن حقوق متساوية لكل المواطنين أيا كان لونهم ودينهم، فلم يحرروا السود فقط، ولكنهم حرروا أيضا البيض من عنصريتهم المقيتة.

أعرف أن هذا صعب، ولكن لا يمكن مواجهة التطرف بنفس أدواته، ففى هذه الحالة نحن الخاسرون مهما كانت قوة الحجج، فلا يمكن مواجهة التطرف بالتطرف.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة