سعيد شعيب

من يقاضى القضاة

السبت، 06 مارس 2010 11:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الدفاع عن استقلال القضاء حتمى، فهو الحصن الحامى للعدل وللدولة المصرية، ولكن هذا لا يعنى أن القضاة كأفراد، مع كامل الاحترام لهم، مقدسون. ولذلك كان طبيعيا، بل ومطلوبا توجيه الانتقاد القاسى لقرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة بمنع تعيين القاضيات. فالطبيعى أن يمارس المجتمع حقه فى أن مراقبة وانتقاد كل مؤسسات البلد بما فيها مؤسسة القضاء، والتصدى لانتهاك القانون والدستور، فبدونهما تتحول مصر إلى غابة تفتتها الأهواء والأيديولوجيات.

صحيح أن القضاة ليسوا فقط منفذين للقانون، فهناك دائما جانب تقديرى فى تفسير هذه القوانين ولكنهم محكومين فى النهاية بسقف هذه القوانين ومحكومين بالدستور الذى يساوى بشكل مطلق بين كل المصريين، أيا كان جنسهم ودينهم ومعتقدهم وعرقهم.

ثم أن الحجج التى ساقها بعض منهم على صفحات الصحف لتبرير قرارهم الغريب، خارج القضية الأصلية، فكلها أسباب واهية، من نوع أن المرأة لا يمكنها احتمال العمل الشاق، والانتقال الدائم بين محافظات مصر، رغم أن الفيصل هو الكفاءة سواء رجل أو امرأة، فمن يصلح يستمر ومن لا يصلح فلابد من اتخاذ الإجراءات القانونية ضده.

كان أغرب ما قاله بعضهم هو أن هذا قرار ديمقراطى، ألم يصدر بالأغلبية؟ بل وهناك من خارج سلك القضاء من يردد هذا الكلام، وهو منطق باطل، لأنه منطق غابة، وساعتها من حق ثمانية أشقاء من عائلة واحدة أن يقتلوا شقيقهم التاسع لأنهم اتخذوا القرار بالأغلبية، أى بقواعد الديمقراطية!

فهل هذا منطقى؟
بالطبع لا، فقرار أى جمعية عمومية محكوم بالقانون والدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى وقعت عليها الدولة المصرية وأصبحت جزءً من قانونها. ودعنى أصارحك أن بعض القضاة يقعون أحيانا فى فخ أنهم يشرعون القوانين، والسبب هو طبيعة عملهم، فهو لا يتوقف عند حدود تطبيق القانون، ولكنهم يفسرونه أيضا، وكثير من أحكامهم تصبح مرجعية قانونية.

لكن ما حدث فى مجلس الدولة ليس تفسيرا للقانون مبنيا على تقدير شخصى، لكنه انتهاك واضح وغليظ للدستور والقانون. فهناك فرق كما قال صديقى الكبير نجاد البرعى فى جريدة المصرى اليوم، بين استقلال القضاء والاستقلال بالقضاء.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة