إبراهيم ربيع

علشان الورد يتسقى العليق

الجمعة، 12 مارس 2010 02:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كان رئيس الاتحاد الفلسطينى لكرة القدم هو الذى وجه الدعوة للمنتخب الأوليمبى لزيارة القدس، وإذا كان الأمر الواقع الذى نكافحه جميعًا يفرض سيطرة إسرائيلية على القدس والضفة.. فلماذا أخذت الزيارة هذا الحيز الواسع من الجدل.. لم تكن الدعوة إسرائيلية ولن يكون عدم السفر عقوبة لإسرائيل ولا السفر دعمًا لتجاوزاتها..

والدعوة لعدم السفر تعكس عدم ثقة فى النوايا، وهى ظاهرة مصرية وعربية أثرت سلبًا فى مواجهاتنا لإسرائيل، ولو أننا توخينا الموضوعية فى كل مناحى حياتنا وفى علاقاتنا مع الآخرين فى الخارج ما خسرنا كثيرًا فى قضايا كبيرة.. سنوات طويلة رفض العرب التفاوض المباشر مع إسرائيل فخسروا الأرض وتنبه بعضهم إلى عدم واقعية ذلك فتفاوضوا على مكاسب لم تكن إسرائيل تريد أن تذهب لنا.. المهم فى النوايا، ويستطيع المنتخب الأوليمبى أن يكون منبرًا عربيًا مناهضًا للسياسة الإسرائيلية فى الأرض المحتلة ليقدم خدمة للقضية أفضل وأكبر من الامتناع عن السفر.

هى قضية شائكة بالفعل أن يقوم بالزيارة فريق رسمى له صبغة شعبية.. لكن ما هو الحل البديل لكى نلبى دعوة الفلسطينيين، ونشاركهم الاحتفال بيوم الأرض.. ولو سألت رئيس الاتحاد الفلسطينى سوف يندهش من ردود الفعل لأنه هو الذى قدم الدعوة لتكون فلسطينية خالصة، ولو ناقشت إسرائيليًا لتمنى ألا تتم الزيارة لأنها سوف تكون مناسبة لمناهضة سياسة كيانه المغتصب، فنحن نستطيع أن نجعلها كذلك.. كثيرًا ما نعارض ونحتد فى الجدل لمجرد هواجس.. فاللاعبون والمدربون ومسئولو الاتحاد ربما لايعرفون ولا يدركون أبعاد القضية، بل ربما كثير منهم لا يعرف كيف تصدر التأشيرات.. ولو أن إسرائيل طرف فى الاستقبال أو المناسبة لقلنا إن الرحلة فعلاً مشبوهة، أما وإن كانت التأشيرة هى كل القضية فإن الحكمة تؤكد أن الضرورات تبيح المحظورات مادامت هناك فائدة تعود على قضيتنا.. المهم فى مثل هذه الحالات أن نفكر ونخطط فى كيفية استثمارها لنخدم بها قضايانا.. وما هو الفارق بين شخصيات مصرية وعربية ودولية نزيهة ومساندة لفلسطين تقاتل من أجل دخول الأرض المحتلة للمساندة وتقديم المساعدات والإعلان من هناك عن مناهضة الاحتلال وبين فريق يريد أن يقوم بنفس المهمة.

لماذا نريد دائمًا أن نجاهد ونقاوم بالتنظير فى المقاهى وفى وسائل الإعلام ولا نجاهد ونقاوم من الميدان.. لماذا نظل نتعلق بالقشور دون أن نقتحم الجوهر ونواجه أعداءنا وجهًا لوجه ونقول كلمة حق.. لماذا لا نتعامل مع قضايانا بواقعية حتى لا تتأخر مكاسبنا.. ولو كنا نتوخى الواقعية والموضوعية لما جرينا الآن وراء مطالب كانت متاحة لنا منذ 20 سنة.. لماذا نتطوع ونقدم خدمات كبيرة لأعدائنا بأخطاء فى التفكير وعدم القدرة على الفرز بين ما هو مقبول وما هو مرفوض وانتقاء الحالات التى يجوز فيها السفر إلى القدس وتحقق لنا فائدة مؤكدة.. هل نريد فى قضايانا القومية الكبرى أن تكون مثل القضايا الجنائية التى تفسدها الإجراءات رغم أنها بالفعل قضايا معروف فيها القاتل والمقتول؟.

تستطيع أن تعارض وتقاوم وتقاتل من يذهب بقصد التطبيع.. يذهب لكى يعطى لإسرائيل مسوغات الدولة أو تظهر على زيارته أغراض التطبيع بشكل مباشر أو غير مباشر.. أما إذا كانت الزيارة واضحة المعالم ومعروفة حدودها وإطارها ونوعية الضيف والمضيف فإن الجدل حولها نوع من الفرقعات الكلامية ونوع من السطحية وافتقاد الرؤية والادعاء بالقضية.. وأنا شخصياً مستعد للسفر إلى القدس لمساندة أشقائنا المقهورين فى فلسطين حتى لو حمل جواز سفرى تأشيرة إسرائيلية لأننى أستطيع أن أرمى الجواز بعد ذلك فى الزبالة، ولأن رفضى سوف يحرمنى من مساندة قضيتنا العادلة ويحرم فلسطين من مساندة مطلوبة كل يوم.. بل أدعو كل مصرى وطنى وقومى أن يذهب إلى القدس ويعلن من هناك عداءه السافر لصهيونية الكيان المصطنع ويعلن من هناك أن شعباً عربياً يواجه الإبادة والتشريد والقهر ويعلن من هناك أن إسرائيل دولة عنصرية مغتصبة.. بل أدعو النجم محمد أبوتريكة الذى قلب الدنيا عندما كشف فى مباراة عن مساندته لأهل غزة أن يطلب زيارة القدس ويصلى فى المسجد الأقصى ويكشف من هناك عن وقفة ضد الظلم والعدوان والاغتصاب.. نحن نريدها انتفاضة عربية من أرض فلسطين وبفكر جديد ورؤية مبتكرة خلاقة فى المواجهة التاريخية مع الكيان الصهيونى.

نحن فى حاجة إلى سياسة تحكم أهدافنا وليس إلى انفعال ينساق وراء مشاعرنا.. ونحن فى حاجة إلى قدرة عالية فى تقدير مواقفنا والفرز بين ما هو مطلوب وما هو مرفوض والكف والامتناع عن سوء التقدير الذى لا يخدم سوى أعدائنا.. نحن لا نريد أن نرى الإسرائيليين لكن نريد بإلحاح أن نرى الفلسطينيين.. وعلشان الورد يتسقى العليق.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة