من المغالطات الفادحة التى تروجها جماعة الإخوان هى أنه لا يجب أن نضع شروطاً مسبقة على تواجدهم السياسى فى البلد، فليس منطقياً فى رأيهم أن يفرض طرفاً برنامجه على طرف آخر، فهذه ليست ديمقراطية.
شكل الكلام منطقى، لكن إذا تأملته قليلاً ستجد فى جوهره الخراب، فهو ينقلنا إلى التحالف مباشرة مع الشيطان، فهم بالضبط مثل من يسكن فى بيت ويريد هدم أساساته وأعمدته، وعندما تقول له إن هذا ليس من حقك يرد عليك ببجاحة: أنت لست ديمقراطى، فكيف تمنعنى من تنفيذ برنامجى فى الإصلاح؟!
إنه يشبه التحالف مع الشيطان.
لم يطلب أحد من الإخوان أن يتبنى منهجا سياسيا محددا، بل كل المطلوب هو أن يحترموا أسس الدولة الديمقراطية الحديثة، وهى أسس تكفل لكل القوى أن تتواجد بحرية، وتكفل لكل المصريين، أيا كانت دياناتهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم السياسية حقوقا متساوية، وليس من حق الإخوان أو غيرهم أن ينتهك هذه الحقوق التى يقرها الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومن ثم ليس من حقهم على الإطلاق استبعاد أى مصرى بسبب لونه أو عرقه أو جنسه أو دينه بحجة أن هذا هو برنامجهم.
المغالطة الثانية وهى لا تقل عن الأولى فداحة، هى قولهم أن الفيصل هو صندوق الانتخاب، استنادا إلى أحلامهم فى تحقيق أغلبية، متناسين بالطبع أن قرارات الأغلبية مشروطة بعدم انتهاكها لحقوق الإنسان ومشروطة بعدم انتهاكها لحق مواطن واحد فى أن يعتقد ما يشاء دينيا وسياسيا، بل وحقه فى التعبير عن رأيه بشكل سلمى، وحقه فى تأسيس جمعيات وأحزاب وصحف تدافع عن هذا الحق.
المغالطة الثالثة هى انطلاقهم من أن دور أى نظام سياسى هو أن يجبر مواطنيه على دخول الجنة التى يتصورونها، وهذه مصيبة، فهناك فارق ضخم بين إدارة الدولة بطريقة تؤدى إلى تحقيق الرفاهية للمواطنين، وبين أن يتحول أى تيار سياسى إلى أب وأم للمصريين يعيد تربيتهم من جديد، طبقا لما يتصور أنه الصحيح، فهذا استبداد صريح، واستبداد متوحش إذا استند إلى أى دين.
لذلك فمطالبة الإخوان أو غيرهم باحترام أسس حقوق الإنسان والمواطنة والدولة الحديثة، ليست أمرا اختياريا، لأية قوة سياسية، فهى فى جوهرها حرمان الترخيص بقتل الغير، وهذا هو جوهر العدل وجوهر الحرية.
التحالف مع الإخوان
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة