صدمتنى ردود أفعال معظم من علقوا على مقالتى أمس "ضرب وزير التعليم"، ربما لأننى لم أكن أتصور أن هناك من يمكنه الدفاع علنا عن ضرب إنسان مثله، بحجج واهية من نوع إصلاح التعليم، وإعادة أولادنا إلى حظيرة الأخلاق الحميدة.
استندت الحجج على أننى أكتب من مكتبى المكيف، ولا أعمل مدرسا، ولذلك فكلامى نظرى "ملوش لزمة"، وحكى آخرون وقائع تؤكد موقفهم المناصر للضرب، وآخرون ساندوا بشدة الوزير الجديد وطالبوه بعدم التراجع.
لكن لحسن الحظ، فهناك من رفضوا هذا المنطق الفاسد، وناصروا عدم استخدام الضرب فى المدارس، واعتبره قارئ كريم بلطجة.. وهو وصف دقيق، ومجرّم قانونا حتى لو ألغى الوزير قرار منع الضرب.
وسوف أشارك فى هذا الجدل بهذه الملاحظات:
1- فى كل مكان عمل توجد أقلية غير ملتزمة، وليس الحل أن يضرب المعلم تلاميذ أخطئوا، لأنه بذات المعيار عليهم أن يقبلوا أن الضرب من ناظر المدرسة أو مسئولى الوزارة إذا أخطئوا، لكن الحل هو تطبيق اللوائح والقوانين بحسم ودون تمييز.
2- الاستناد إلى أن الضرب أخرج لنا دكتور فاروق الباز أو أحمد زويل أو غيرهما غير صحيح بالمرة، أولا هم استثناءات، وثانيا لقد نجحا لأنهما وجدا فرصة فى بلاد تحترم العلم والحرية، ولديهم نظام تعليمى محترم لا يخرج عبيد لكن مبدعين.
2- الضرب والإهانة والتعذيب لن تفرض الاحترام والأخلاق، ولكنها تزرع الخوف وتجعل أبنائنا جبناء، لا شخصية لهم، مجرد عبيد، والعبيد لا يصنعون تقدما ولا علما، وعند أول فرصة سيكونون من أسفل السافلين.
3- هناك قوانين ولوائح تصون كرامة المعلم ضد أى تجاوز، سواء من طلاب أو رؤساء، كما أنها تصون كرامة الطالب، وعلينا جميعا أن نستند لها، ولا نحول المعلم "الذى كاد أن يكون رسولاً".. إلى بلطجى، سيجد من بين طلابه أو آبائهم من هو أكثر بلطجة منه ليضربه.
4- إننى مندهش من الذين أيدوا الضرب دفاعا عن كرامة المدرس، دون أن يذكروا أن المعلم ضاعت كرامته، لأن الحكومات المتوالية تجاهلت حقه فى أجر عادل بدلا من اللف على البيوت لـ"يشحت" من الطلاب وأولياء الأمور.. وتجاهلت حقه فى توفير الإمكانيات التى تساعده فى العملية التعليمية من معامل وأبحاث وغيرها حتى لا يكون مجرد ببغاء يلقن غيره ما حفظه.
5- لم يبق سوى أن أقول ما قاله الزعيم أحمد عرابى: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟
موضوعات متعلقة
ضرب وزير التعليم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة