بعد عشر سنوات من الانقطاع، عادت مجددا مجلة الكتابة الأخرى إلى الصدور، الأمر الذى يمثل حدثا مهما للثقافة المصرية، خاصة فى الجانب الحى منها، وأعنى به هامشها الذى تتنكر له المؤسسات الثقافية الرسمية، رغم أنه المنوط بحفظ التجدد والتجريب كصفتين للإبداع المصرى.
"الكتابة الأخرى" لم تكن مجرد مجلة يطبعها ويوزعها بنفسه الشاعر هشام قشطة، كلما سنحت الظروف، وإنما كانت فى حقيقة الأمر السجل الحافل لأكبر حركة تجديد خلال السنوات العشرين الماضية، ففيها انطلقت قصيدة النثر المصرية لتغير وجه الشعر المصرى ولتضع القصيدة المصرية الجديدة فى صدارة المشهد الشعر العربى، رغم ما شاع عن مصر بأنها بلد الإبداع القصصى والروائى بامتياز.
كما توجهت "الكتابة الأخرى" طوال إصدارها الأول خلال عقد التسعينيات من القرن الماضى إلى كسر القيود والأنماط التى حاول رجال الثقافة الرسمية حشد الثقافة المصرية داخلها، واعتمدت كشف وإجلاء الوجه الثقافى الحقيقى لتيارات فى الشعر والقصة والرواية والفن التشكيلى لم تستطع القنوات الرسمية استيعاب تمردها الجميل، والكفيل بإثراء واقعنا الإبداعى وحدها "الكتابة الأخرى" اطلعت بهذا الدور، لأنها طوال الوقت كانت مجلة كل المثقفين والمبدعين، لهم أن يقترحوا فيها ما يشاءون، وأن يسهموا فى تحريرها والكتابة فيها وإخراجها أحيانا، كانت تجربة مفتوحة لكل من يريد الإمساك بفكرة أو ملف أو هاجس أو لوحة تشكيلية، ومن هنا التف حولها المثقفون والمبدعون من كافة الأجيال والمشارب والتوجهات، واعتبرها كل منهم مجلته الخاصة.
لذلك عندما تعاود "الكتابة الأخرى" الصدور بعد عشر سنوات من الانقطاع، لابد وأن يقابلها المبدعون بالفرح والترحاب اللذين تستحقهما، وأن يسهموا بفاعلية فى إنجاح الإصدار الثانى بأفكارهم وهواجسهم وتجاربهم الإبداعية والفنية، فهى المنبر الوحيد للهامش العريض والواعد والمقموع والمستبعد فى الوقت نفسه.
الإصدار الثانى من "الكتابة الأخرى" يحمل الكثير من سمات أعداد الإصدار الأول، من انحياز للتجديد والتجريب، واتجاه للنقد الجذرى البناء للثقافة المصرية والانفتاح على جميع الاتجاهات، وهو ما يكفل لها النجاح الذى تستحقه بالتفاف المبدعين حولها وإسهامهم بتجاربهم فيها ..
"الكتابة الأخرى" .. "العود أحمدُ"
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة