هانى صلاح الدين

اختفت عصا المعلم فظهر البانجو بالمدارس

الخميس، 11 فبراير 2010 12:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد شهدت الساحة التعليمية بمصر مؤخرا جدلا واسعا حول عودة الضرب للمدارس، وذلك بعد تصريحات وزير التربية والتعليم د.أحمد زكى بدر حول أحقية المعلم فى استخدام العقاب البدنى ضد الطلاب، وهى التصريحات التى سرعان ما تراجع عنها الوزير، وأرى أن هناك الكثير من الكتاب وبعض مؤسسات المجتمع المدنى، مارسوا ضغوطا كبيرة دفعت الوزير يتراجع أمامهم عن تصريحاته.

وأريد أن أوضح بعض الحقائق فى هذا الجانب، فأنا من المؤيدين للعقاب البدنى فى التعليم بشروط، فما هناك نظام تربوى فى العالم قديما أو حديثا إلا أقر فكرة الثواب والعقاب، كما أقرت كثير من النظم التعليمية العقاب البدنى، على أن يكون ضربا غير مؤذٍ بل تأديبى، لأنه يجدى فى تعليم كثير من الطلاب.

فقد نشأنا جميعا فى ظل نظم تعليمية اعتمدت على فكرة العقاب البدنى لتقويم الجانب العلمى والأخلاقى، وكان المعلم يشعرنا دوما بأن عقابنا البدنى من أجل تقويمنا، فما نقص ذلك من مكانته لدينا، وما زادنا ذلك إلا إجلالا وتقديرا لهم، ولقد تربى عمالقة العلم المصريين أمثال العقاد وطه حسين والشيخ شلتوت والشعراوى وزويل وغيرهم على عصا المعلمين التى كانت دوما تشعرهم بالمراقبة وتقويم الأخطاء.

فما سمعنا يوما عن معلم أوسع طالباً ضرباً لإجباره على درس خصوصى، كما لم نر طالبا تعدى على أستاذه، وكانت المدارس معابد للعلم ومنارة للأخلاق، ولا أنسى أبدا أستاذا لى رآنى أدخن سيجارة بأحد شوارع بلدتنا، وأنا بالصف الأول الثانوى، فما كان منه إلا أنه استدعانى فى اليوم الثانى وقام بمعاقبتى بالضرب على هذا السلوك غير اللائق بطلاب العلم، وبالرغم من ألم الضرب إلا أننى استشعرت بمدى الجرم الذى اقترفته، خاصة أن العقاب البدنى أعقبه معلمى بالنصح والإرشاد من أجل توضيح مخاطر التدخين على صحتى، وما زادنى ذلك إلا احتراما وتقديرا لأستاذى.

ولكن مع اختفاء عصا المعلم، وتجريم الضرب بالمدارس وجدنا الحال قد انقلب، فقد استهان الطلاب بمعلميهم ووصل الأمر بهم إلى الاعتداء عليهم، وقد أكدت محاضر الشرطة أن هناك أكثر من ألف حالة اعتداء سنويا من قبل الطلاب على معلميهم، بل سمعت بأذنى بعض الطلاب يتغنون بكلمات تدل على مدى التدنى التى وصلت إليها العلاقة بين الطالب والمعلم، ومن هذه الكلمات "قم للمعلم واكفيه تلطيشا كاد المعلم أن يكون شاويشا" مستبدلين بهذه الكلمات الفاسدة بيت الشعر الجميل القائل "قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا".

ولقد صدمنى أحد أصدقائى المعلمين عندما أكد لى أن المعلم فقد السيطرة بشكل كامل على طلابه، بعد أن سلبته الوزارة كل وسائل العقاب، مؤكدا أن الأمر وصل فى بعض لمدارس لتعاطى الطلاب للبانجو بين الحصص بدورات المياه تحت سمع وبصر إداراتها، وأن مسئوليها يلزمون الصمت خوفا من أن يقوم بعض هؤلاء بالاعتداء عليهم بالأسلحة البيضاء التى لا تفارق جيوبهم، خاصة فى التعليم الفنى!

وبالرغم من تأييدى للعقاب البدنى، لكنى فى الوقت نفسه أرفض بشكل تام أن يكون هذا العقاب انتقاميا، أو ضربا مبرحا يؤذى جسد الطالب، فلا غضاضة فى استخدام العصا للتأديب والتعليم، لا للإجبار على الدروس الخصوصية أو التنفيس عن الحالة المزاجية للمعلم، كما على المعلمين أيضا أن يعيدوا لمهنتهم قدسيتها، وأن يترفعوا عن استخدام العصا فى الكسب الرخيص، فوطننا فى أمس الحاجة إلى نهضة، سيكون أول منطلقاتها المعلمين ومحاريب العلم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة