إذا قال لك أحد المرشحين فى انتخابات الشعب القادمة إنه رشح نفسه لخدمتك فهو نصاب لا تصدقه، وإذا قال لك أحدهم إنه يهدف من ترشحه لتغيير الواقع المرير الذى يعيشه المصريون فهو كاذب لا محالة، أما إذا قال لك إنه تلقى وحيا من السماء بأنه ناجح لحسن نيته وطيبة قلبه وأنه يبتغى حصانة السماء قبل حصانة البرلمان، فذلك دجال لا يستحق أن تضيع وقتك فى الاستماع إليه، وإذا حاول أحدهم إقناعك بأنه يبتغى أن يكسب فيك ثوابا يدخله الجنة فهذا أفاق، لأن الكاذبين يدخلون جنة البرلمان فى الدنيا، بينما مصيرهم النار فى الآخرة..
تلك النظرية لو طبقتها على مئات المرشحين الذين أعلنت عنهم اللجنة العليا للانتخابات فستجد أغلبهم ينطبق عليه أحد الصفات الثلاث السابقة إلا من رحم ربى.
عزيزى الناخب.. عزيزتى الناخبة.. أعزائى المشاهدين تلك المسرحية الكبيرة ليس مطلوبا من أى منكم أن يصدق آلاف الوعود الوهمية لهؤلاء المرشحين المعجونين بماء النفاق، والذين يغمسون كلامهم فى بحر الكذب قبل أن ينطقوا، كما أنه ليس مطلوبا منكم أن تيئسوا وتكونوا سلبيين ولا تذهبوا لصناديق الاقتراع، ولا تكونوا بالسذاجة التى تجعلكم تتمسكون بقبليتكم وعصبيتكم، والحديث الفارغ حول العائلات والتكتلات الوهمية بين أبناء البلد الواحد، مطلوب منكم فقط أن تحاولوا التجديد، وتسقطوا هؤلاء الذين صاروا نجوما بالكذب عليكم، وهؤلاء المتقاتلين على أصواتكم كتقاتل الأكلة على قصعتها لمجرد أنهم جربوا حلاوة الفوز أول مرة، دون أن ينفعوكم بشىء، دون أن يغيروا ولو سنتيمترا واحدا من واقعكم، بل زادوكم فقرا وبؤسا وغلبا بقدر ما زادوا غنى وشهرة وعلاقات معلنة مستفزة، وأخرى خفية خبيثة.. أذيقوهم بأسكم كما ذاقوا خيركم من قبل، لا تمنحوهم أصواتكم وأعطوها لأى واحد آخر حتى وإن كنتم تجهلون نواياهم، لأن اللى تعرفوا أسوأ من اللى متعرفوش حتى يثبت العكس.
هناك فى موطنى الذى يبعد مئات الأميال، يعيش الرجل مائة عام لا يرى فيها سوى خمسة نواب على المقعد الواحد، دون أن يعرف للنائب أى وظيفة سوى حضور العزاء أو جلسات الصلح، وفى أقس الظروف يلجأ إليه لإخراج قريب له من مركز الشرطة بعد ضبطه اشتباها أو فى مشاجرة، بينما يظل الفقر والتخلف والجمود السياسى والانحراف الاجتماعى ومستوى التعليم وكل هذه الأشياء الجميلة التى تناقش فى البرلمانات المحترمة خارج إطار تفكير النائب المحترم، الذى لا يشغله سوى تعيين نفسه فى وظيفة محترمة، أو ضمان مستقبل محترم لأقاربه من الدرجة الأولى، أو الحصول على مساحة محترمة من أراضى الدولة، ولا أعتقد أن الأمر يختلف كثيرا فى باقى ربوع مصر، فالمثل يقول إن البيض الفاسد يتدحرج نحو بعضه البعض، فانظر حولك ترى ذلك النائب الذى يؤم الناس فى خشوع أو يجلس بينهم فى تواضع بعد جلسة صلح، ولن تستطيع أبدا أن تعرف إذا ما كانت تلك الصورة فى الإسكندرية أم فى حلوان أو فى مجاهل الصعيد.
عزيزى الناخب لا تكن سلبيا واذهب إلى الانتخابات حتى وإن كانت بطنك خاوية وصحتك عليلة، ولا تجد قوت يومك وأمسك وغدك، يكفيك قلبك الملىء بالإيمان وعزيمتك الأكيدة على التغيير للأفضل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة