دائماً الصحافة هى أول من يدفع ثمن أى تغييرات سياسية، ودائما وأبدا تنظر لها كل القوى السياسية والمجتمعية بريبة، ودائماً تحاول باستماتة أن تكون صوتها المسموع، لتنقلها من وظيفتها الأساسية "إخبار المجتمع" إلى الإعلان عن هذا أو ذاك من هذه التيارات ومواقفها السياسية.
بالطبع تختلف الدرجة من بلد إلى آخر، حسب التطور الديمقراطى، ونضوج القوى الاجتماعية، وإدراكها للدور الحقيقى لهذه المهنة النبيلة. وفى هذا السياق فما زال العراق، رغم إزاحة الديكتاتور صدام حسين، أمامه مشوار طويل، فالديمقراطية ثقافة لابد أن تستقر فى وجدان المجتمعات، ليدرك كل فرد أنه صاحب مصلحة فى الحرية، وأن مصالحه المباشرة وغير المباشرة ستتعرض لمخاطر كبيرة إذا تم انتهاك الحريات.
فالعراق من أكثر الدول خطراً، ومعه المكسيك، على حياة الصحفيين، ولكن يضاف إلى ذلك الضغوط الإرهابية من هذا التيار أو ذاك، ناهيك عن الحكومة ذاتها، والتى لا تتهاون فى إغلاق أى صحيفة أو محطة تليفزيونية، ليس فقط لأسباب تافهة، ولكن لأسباب ليست منطقية بالمرة، وتستند إلى مفاهيم استبدادية.
وآخرها إغلاق قناة البغدادية الفضائية، والسبب أن القائمين على هذه القناة استطاعوا التواصل هاتفياً مع الإرهابيين الذين استولوا على كنيسة "سيدة النجاة"، ونقلوا مطالبهم على الهواء، وهذا بدون شك انتصار مهنى، وبدون شك يتسق تماماً مع دور الصحافة، وهى إخبار المجتمع، أى مساعدة المواطنين فى ممارسة حقهم فى الحصول على المعلومات، وبدلا من أن تحيى الحكومة العراقية القناة، أغلقتها، وبدلا من أن تساندها القوى السياسية تخلت عنها.
هكذا دائما، تدفع الصحافة ويدفع الصحفيون ثمن استبداد الحكومات والقوى السياسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة