سعيد شعيب

"إحنا بتوع الإثارة"

الثلاثاء، 05 أكتوبر 2010 12:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان هذا العنوان من أجمل العناوين التى قرأتها طوال عملى الصحفى. صاحبه هو الزميل إبراهيم عيسى رئيس تحرير الدستور فى إصدارها الأول فى النصف الأول من تسعينات القرن الماضى، والتى تم إغلاقها بسبب نشر بيان لجماعة إسلامية متطرفة كان يهدد رجال أعمال مسيحيين، وهو ما اعتبرته الحكومة فى هذا الزمان تهديدا للأمن القومى.

كانت الدستور الأولى علامة فارقة فى تاريخ الصحافة فى مصر، فقد أعادت الاعتبار للكثير والكثير من القيم المهنية، لعل أهمها على الإطلاق هو أن هناك زبونا، قارئا، ليس دور الصحافة على طريقة الستينات حشو رأسه بما تريده السلطة أو من بعدها الأحزاب فى جرائدها. ولكن دورها هو التفاعل معه وجذبه دون ابتذال، وهذا هو المعنى الذى كتبه الزميل العزيز إبراهيم عيسى. فالصحيفة لم تتعرض وقتها لهجوم حكومى فقط، ولكن أيضا من التقليديين فى الصحافة والثقافة والسياسة.

لقد حركت هذه الصحيفة المياةه الراكدة فى كل شىء، العادات والأفكار والتاريخ، وكانت أول صحيفة خاصة يمكننا القول باطمئنان أنها ليبرالية، فتجد نقاشا بين الفنان لينين الرملى وعدد من كُتاب الصحيفة حول عبد الناصر، ويشارك فيه المحرر الشاب وقتها سمير عمر (مدير مكتب الجزيرة الآن). وتجد نقاشا آخر حول صلاح الدين هل هو بطل، أم ديكتاتور ، فى صفحة التاريخ التى كان يشرف عليها الدكتور عماد أبو غازى، بالإضافة إلى صفحة بريد غير مسبوقة لبلال فضل وكتابات لامعة لحمدى عبد الرحيم وأكرم القصاص وآخرين، وإخراج فنى كان وما زال ثورة فى بصريات الصحافة المطبوعة أبدعه الدكتور أحمد محمود.

باختصار غيرت الدستور الأولى مسار الصحافة، وجاءت الدستور الثانية برئاسة تحرير إبراهيم عيسى مختلفة، لها اتجاه سياسى معارض بنته على السقف السياسى العالى الذى صنعته جريد العربى. ورغم اختلافى الشديد مع هذا الدور، أى إعلاء السياسى على المهنى فى بلاط صاحبة الجلالة، إلا أنه لا يمكن أبدا التقليل من شأن إيجابيات التجربة، فقد ساهمت مع عوامل أخرى فى الحراك السياسى المعارض للسلطة الحاكمة، ورغم رفضى الشديد لأن تتحول الصحف إلى أحزاب سياسية ويتحول رؤساء التحرير إلى زعماء سياسيين، إلا أننى أرفض حجب هذا الصوت.

أكتب كل ذلك لأن الزميل العزيز إبراهيم عيسى تمت إقالته من رئاسة تحرير الدستور، والطبيعى أن تكون للدكتور السيد البدوى سياسة تحريرية وأهداف يريد تحقيقها، وقد تتعارض مع عيسى، فى كل الأحوال، ومهما اختلفت مع إبراهيم عيسى سيظل الرجل علامة فارقة فى الصحافة المصرية، وأتمنى لو لم يستمر فى الدستور أو فى غيرها، فعيسى ليس صحفيا موهوبا وكاتبا مرموقا ولكنه صانع صحف.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة