جاءت تحذيرات الدكتور عثمان محمد عثمان، وزير التنمية الاقتصادية، من تفاقم المشكلة السكانية وتأثيرها على التنمية، والمنشورة على موقع "اليوم السابع" لتؤكد عودة الحكومة إلى خطابها التبريرى واستخدام شماعة الزيادة السكانية، للتعليق على جوانب القصور فى تحقيق معدلات التنمية المرجوة.
وزير التنمية الاقتصادية، قال فى تصريحات للزميلة مريم بدر الدين، إن تفاقم المشكلة السكانية هو المسئول عن جميع مشاكلنا، وفى مقدمتها عدم التوازن بين الموارد الطبيعية المحدودة والموارد البشرية، فى ظل ثبات زيادة عدد المواليد، لكن ماذا عن مفاهيم الاستثمار فى الموارد البشرية يا سيادة الوزير؟
العالم يتحرك الآن فى اتجاه تعظيم الثروة البشرية باعتبارها أهم الثروات على الإطلاق، بشرط حسن إدارتها واستثمارها لتحقيق الفارق التنموى نوعيا، ونحن ما زلنا نتعامل مع السكان باعتبارهم مزرعة دجاج أو عبئًا على الاقتصاد الوطنى، بالنظر إلى ميزانيات الدعم الغذائى والتعليمى والصحى، بينما الأزمة الحقيقية عندنا تكشفها بلدان مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية والهند، استطاعت تحقيق طفرات اقتصادية وتنموية كبرى عبر الاستثمار فى العنصر البشرى.
كيف استطاعت الهند يا سيادة الوزير أن تحقق الطفرة الكبيرة فى مجال تقنية المعلومات والبرمجيات، رغم الزيادة الرهيبة فى عدد السكان، كيف نجح المسئولون فى اتحاد شركات البرمجيات الهندية "ناسكوم" فى زيادة قيمة صادراته من البرمجيات من 6 مليارات دولار عام 2001 إلى 50 مليار دولار عام 2008؟
وكيف استطاعت مدينة "بنجالور" الهندية التى تشهد معدلا عاليا للمواليد أن تصبح من أهم معاقل صناعة تقنية المعلومات فى العالم، عبر جذب كبريات الشركات العاملة فى هذه الصناعة، ودفع الشركات المحلية إلى المنافسة والإبداع والتفوق فى هذا المجال، الأمر الذى أدى إلى تعاظم الناتج القومى للهند بصورة كبيرة للغاية؟
الإجابة يا سيادة الوزير أن المسئولين الهنود لم يتذرعوا بمشكلة الزيادة السكانية، وكان لديهم اليقين بأن القيادات العليا فى أى بلد فقير نام، لا بد وأن يقدموا لبلادهم الأفكار والخطط غير التقليدية لتعويض الفارق الكبير لصالح الدول الغنية، وكان وادى السليكون الهندى بمثابة مشروع قومى آمن به المسئولون هناك وسعوا لتحقيقه ونجحوا، فأضافوا لبلدهم، وكفوا عن التصريحات والتبريرات التى تلقى اللوم على مواطنيهم.
يا سيادة الوزير لعلك تعرف أن الاستثمار فى الطاقات البشرية أهم مجالات الاستثمار على الإطلاق، لأن الإنسان هو العنصر الرئيس لأى نشاط اقتصادى أو اجتماعى أو تربوى أو ثقافى، وفى هذا السياق، ما خطط الاستفادة من المصريين المغتربين الذين حققوا نجاحات كبيرة فى مجالاتهم؟ هؤلاء على الأقل ثروة جاهزة ولديهم بالتأكيد رغبة فى مساعدة بلدهم الأول، ولكنهم يفتقدون الوسيلة التى تمكنهم من تفعيل مشروعاتهم وأفكارهم لصالح بلدهم، ماذا عن اعتماد خطط حقيقية للنظر فيما يطرحه هؤلاء العلماء والخبراء المغتربون لإعادة توطين نجاحاتهم فى قرى ونجوع البلد، أليس ذلك أفضل من لعن الزيادة السكانية كل صباح؟
يا سيادة الوزير ماذا عن دراسة التجربة الصينية فى مجال الأسرة العاملة فى الصناعات الصغيرة ومناهج تسويق هذه الصناعات فى مختلف دول العالم، ألا تمثل التجربة الصينية نموذجا مشجعا للتغلب على البطالة، وتحقيق معدلات تنمية عالية بالمراهنة على مشروع الأسرة العاملة؟
يا سيادة الوزير ألا ترى أن الوزراء المعنيين بعملية التنمية فى الهند وكوريا الجنوبية وماليزيا قد تفوقوا على وزرائنا بمراحل؟ ألست معى فى ضرورة الاستعانة بخبراتهم كمستشارين، وزراء من الباطن يعنى؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة