يسرى الفخرانى

قصة كل يوم .. سبت !

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010 09:20 م


مضت الأيام ، ولا تسألوا كيف تمضى أيام كتلك وتصبح فى غمضة عين .. ثلاث سنوات وطفلين ونفسها الغرفة . وجد سامح عملا فى جريدة صغيرة يكتب لها عن أحوال الفقر .. فتنشره فى الصفحة الأولى مقابل مبلغ ضئيل يكفى ثمن سجائر وشاى وجريدة معارضة ، وكان قدر ناهد أرحم فعملت فى مجلة كبيرة فى مؤسسة أكبر ، تحصل على مقابل يفتح غرفتها وينفق على طفليها ، كانت لاتقول لا ، تعمل كل ماتجده أمامها ، تحرر صفحة عن طعام لاتعرف مذاقه ومطاعم لاتعرف مكانها ، وتتولى أعمال السكرتارية لرئيس التحرير ، وتساعد زملاءها فى إعداد بعض برامج التليفزيون من الباطن ، فى الأيام التى يجب عندها أن تتوقف فى إجازة وضع .. كانت تختصر إجازتها إلى أسبوعين وتعود خوفا من أن يضيع كل ماصنعته من يديها وفى يوم ، حضر إلى المجلة مصور فرنسى ، استقبلته بالنيابة عن رئيس التحرير الغائب ، بينما كان يشرب فنجان قهوته التى أصرت أن تعده له بنفسها ، قال لها وهو يتأملها بعربية ضعيفة : هل تعرفين أنك تشبهين كليوباترا ملكة مصر القديمة القوية الجميلة ؟..

فى اليوم التالى كان يصورها فى المتحف المصرى ، ومنحها أجرا كبيرا !

بعدها بأيام ، سافرت معه إلى أسوان والأقصر والوادى الجديد ، وقال لها إنه سيصنع منها نجمة فى العالم ، سيحولها إلى موديل تتخاطفها بيوت الأزياء الشهيرة ، كانت هذه المرة الأولى التى تنسى فيها أيامها الأولى .. سامح .. طفليها غرفتها .. المجلة .. الفقر قال لها وهو يلتقط صورة أخيرة عند النيل : هل تسافرين معى إلى باريس ؟

دارت حول نفسها ، فى هذه اللحظة وهى تمسك يده وتقول له نعم أسافر ، كانت تفكر فى الطلاق من سامح ، وأن تترك الأطفال فى بيت أمها ، وأن ترى الدنيا ، وأن تتزوج هذا المصور المبهور بها .

حين عادت إلى القاهرة .. فاجأت سامح بطلبها للطلاق ، وفاجأها أنه متزوج بامرأة أخرى عجوز تنفق عليه وعلى استعداد أن يضم الطفلين معها . ستراحت بانتهاء إجراءات الطلاق بسرعة لم تتوقعها ، أصبحت حرة .. حتى من طفليها ، وجدت فى مكتبها بالمجلة تذكرة السفر إلى باريس.. ترددت قليلا وهى تسأل نفسها ماذا بعد ؟ ما هذه الأحداث التى لم تمهلها بعض الوقت للتفكير ، سافرت فى الموعد وحيدة إلى مطار شارل ديجول .. كان المصور فى انتظارها كما توقعت ، ترتدى جلابية فرعونية ، أخذها على الفور إلى فندق رخيص .. وقال لها بخبث : هذا مكان إقامتنا ، لم تفهم .. لكنها قالت : متى نتزوج ؟ قال : هل وعدتك بشىء من هذا ؟ قالت : .. ولكن ! قال : أنا متزوج فرنسية وعندى أولاد ! قالت : لم تقل لى ! قال : هل أنت غبية ؟ قالت : هل أنت نذل ؟ قال : .. ولو ، نذل لو كان هذا يريحك ! قالت: أريد أن أعود إلى بلدى ! قال : ليس الآن ، هناك عمل يجب أن تقومى به على الأقل لتسددى ثمن تذكرة عودتك . قالت : ألم تقل لى أنك تحبنى ؟ قال : قلت ، لكن لم أقل أننى أتزوجك . قالت : خربت بيتى من أجلك . قال : مسكينة .. ساذجة .. عاطفية . قالت : محرومة ، أطفالى لاذنب لهم . قال : ستعودين لهم بعد شهر .

عادت ناهد ، لكنها حتى الآن بعد سنة .. لم تعد!
لم تعثر ناهد على طفليها .. سافر سامح بهما إلى بلد عربى مع زوجته العجوز ، رحلت أمها ، طردتها المجلة التى كانت تعمل بها بعد أن اكتشفت أنها حاولت الحصول على «رشاوى» من مصادرها من أجل نشر أخبارهم .
ثم اختفت ناهد.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة