أوروبا التى استعمرت أكثر من نصف الكرة الأرضية بحجة نقل الحضارة إلى آكلى لحوم البشر، اكتشف فريق علمى أوروبى من علماء الآثار بقايا بشرية تثبت أن السكان فى غرب ألمانيا مارسوا عادة أكل لحوم البشر منذ سبعة آلاف عام. وقال رئيس فريق العلماء البروفيسور برونو بولشتاين لهيئة الإذاعة البريطانية، إن هذه البقايا كانت مقطوعة ومكسورة بشكل متعمد، وواضح فيها آثار أسنان، وهو ما يؤكد استخدامها فى الأكل.
الخبر مثير.. ومن الوارد أن تتم اكتشافات أخرى تنهى تماما الأسطورة التى روجتها القوى الاستعمارية الغربية حول الشعوب المستعمرة، وهى أن غير الأوروبيين لابد وحتما من آكلى لحوم البشر، وكان المقصود، وهى عنصرية بغيضة، هدفها مفهوم، وهذا الخبر المهم يشير إلى أنه من الوارد أن تكون هذه مرحلة من مراحل تطور الإنسان.
بالطبع لم تكن هذه هى الأكذوبة الوحيدة التى روجتها هذه القوى الاستعمارية، ولكن كانت هناك تلال من الأكاذيب منها أنهم يهدفون لأن يجعلوا هذه الشعوب أكثر تحضرا. وأنهم يريدون نشر الديانة المسيحية، فى مواجهة الديانات التى يسمونها وثنية.
لكن إذا عدت إلى كتب التاريخ، حتى تلك التى كتبها غربيون، تعرف أن من اعتبروهم شعوبا همجية، كانت كثيرا منها أكثر تحضرا وإنسانية من الغزاة. ومع ذلك لم تنتهِ هذه الأكاذيب، بل كثير من الشعوب حتى التى تعرضت للقمع والنهب الاستعمارى تعيد إنتاجها، ودعنى أذكرك بكثير من الأفلام المصرية التى تقدم الأفارقة أو الهنود الحمر بذات الطريقة التى تقدمها بهم هوليود. رغم أننا عانينا من الاستعمار، وكأن المقموع يعيد إنتاج أفكار من قمعه.
فى هذا السياق كانت صدمتى الكبرى فى الروائية الشهيرة إيزابيل الليندى التى وقعت فى ذات الفخ، رغم أنى من المغرمين بأعمالها العظيمة.. ولكن فى روايتها "إنيس حبيبية روحى" التى قرأتها مؤخرا، من ترجمة العظيم صالح علمانى، وجدتها منحازة للغزاة، واعتمدت تعبيرات من نوع "مكتشفون"، وكأن هذه الأراضى لم يكن لها أصحاب. كما رددت الكثير من الأكاذيب العنصرية، إلا قليلا.
ربما يعيد هذا الاكتشاف، ومعه التاريخ من وجهة نظر المهزومين، قليلا من الإنصاف لهؤلاء الذين سحقتهم وحشية غزاة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة