يتجدد الجدل بين الحين والآخر حول إمكانية تولى المرأة الولاية الكبرى، وأرى أن هذا الأمر بالنسبة لنا كمسلمين محسوم ولا يحتاج لجدال، وذلك لإجماع أهل العلم من الخلف والسلف على عدم جواز ولاية المرأة الولاية الكبرى، فهناك نصوص فاصلة فى هذا الأمر ، فيقول ربنا عز وجل "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِم" ْ ) النساء:34 ) ويقول نبينا الكريم فى الحديث الذى رواه البخارى عن أبى بكرة، قال "لمَا بَلَغَ النبى - صلى الله عليه وسلم - أنّ فارسًا مَلّكُوا ابنةَ كِسْرى قال : لن يُفْلِحَ قومٌ وَلَّوْا أمْرَهُم امرأةً".
كما أن رسول الله لم يُوَلِّ، ولا أحد من خلفائه، ولا من بعدهم، امرأةً ولاية بلد، ولو جاز ذلك لم يخلُ منه جميع الزمان غالبًا، مع أن دواعى اشتراك النساء مع الرجال فى الشئون العامة كانت متوفّرة إلا أن المرأة لم تطلب أن تشترك فى شىء من تلك الولايات، ولم يطلب منها هذا الاشتراك.
وهذا ليس إنقاصا من مكانة المرأة لكن مراعاة لطبيعتها البشرية، التى لا تتحمل أعباء الحكم ومشاكله، حيث إن عمل المرأة بالولايات وقيامها بحقها يؤدى إلى انشغالها عن بيتها وانهيار الأسرة.
لكن أجاز الكثير من العلماء لها المشاركة فى معظم المناصب والعمل السياسى دون الولاية الكبرى، فقد ولى عمر بن الخطاب امرأة تسمى "الشفاء" حسبة السوق، كما جلس كثير من الفقيهات للفتوى، وأجاز الفقهاء أيضا توليتها القضاء، ولا مانع أن تحمل المرأة مهام حقيبة وزارية تتماشى مع طبيعتها.
ومن أفضل ما قرأت فى هذا الباب ما قاله العالم الجليل الدكتور نصر فريد واصل مفتى مصر السابق، حيث قال "إن المرأة لها طبيعتها الخاصة بها والتى تختلف تماما عن طبيعة الرجل، لأنها يعتريها القصور فى فترات معينة وأزمان متعاقبة تكون فيها غير كاملة المزاج ومختلة التوازن، كالحيض والحمل والنفاس".. ويمضى الدكتور واصل موضحا" لهذا منع الإسلام المرأة من أن تتولى المناصب القيادية التى لا تتناسب مع طبيعتها، والتى تحتاج إلى العقل الناضج الذى لا يتأثر بالعواطف بأى حال فى كل الأحوال والأزمان وقوة التحمل وسرعة اتخاذ القرار، ولذلك لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»..
ففى هذا الحديث دلالة أكيدة على أن المرأة ليست من أهل الولايات العامة ولا يحل توليتها المناصب القيادية ذات الطبيعة الخاصة التى لا تناسب تكوينها، ولو كان هذا الأمر مباحا لكان أولى بذلك أمهات المؤمنين رضوان الله تعالى عليهن.
وأيضا كان للعالم الجليل الدكتور أحمد طه ريان عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق فى جامعة الأزهر موقف واضح من هذا الأمر، حيث يؤكد على عدم صلاحية المرأة لهذا المنصب مستدلا على ذلك بقوله تعالى: «الرجال قوامون على النساء»، حيث يقول: "فالقوامة جعلها الله تعالى للرجل وإن كانت الآية واردة فى قوامة الأسرة لكن مدلولها من باب أولى تكون فى الولاية العامة، كما أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سمع أن كسرى ملك الفرس مات وولوا بعده ابنته «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، ومن هنا أخذ الفقهاء على أن الإمامة العظمى لن تكون للنساء، ولا بأس أن تكون المرأة مستشارا لرئيس الدولة فى نظام الأسرة أو فى الأمور التى تخص النساء، لكنها لا تكون حاكمة، مستدلا على ذلك بعدم تولى المرأة للولاية العامة فى العصور الإسلامية المختلفة.
بل إن التشريعات السماوية كلها لم تقر تولية المرأة هذا المنصب، فمثلا لا تقبل الديانة المسيحية أن يكون رأس الكنيسة امرأة ، كما لا تقبل الديانة اليهودية أن يكون رأس الحاخامات امرأة، ونرى هنا أن المرأة يجوز لها تولى كل المناصب فيما عدا الولاية الكبرى التى ستحملها أعباء لا تتناسب مع طبيعتها البشرية .
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة