كان لدى صديقى حجاج أدول رغبة قديمة فى التفرغ تماما للأدب، هوايته الكبرى والأهم، ولذلك لم أفاجأ بإعلان اعتزاله للزميلة ناهد نصر على موقع اليوم السابع. فيبدو أن حجاج قد تورط، بل يمكنك القول فعلا إنه تورط فى الدفاع عن القضايا النوبية، ليس بمعنى أنه ليس مؤمنا بها، بل على العكس فهو من أشد المخلصين الذين رأيتهم دفاعا عن أهلنا فى النوبة، ولكن يفضل كمبدع موهوب أن يخاطب العالم عبر الأدب.
ولكنه فى مرحلة وبدافع ضميره الإنسانى أعطى للعمل النوبى العام كل هذا الإخلاص وكل هذا الجهد، والحقيقة أنه كان فى مقدمة الصفوف التى استطاعت ببسالة أن تنقل النوبيين فى بلدنا من كونهم فلكلور فى المسلسلات والأفلام، إلى تنبيه المجتمع إلى الظلم الواقع عليهم، وضرورة استرداد حقوقهم المسلوبة.. كما أنه كان فى مقدمة الصفوف التى استطاعت إنهاء التخويف الذى كان يربط بين المطالبة بحقوق النوبيين وبين الخيانة والعمالة والانفصال والدولة النوبية.. إلى آخر الأكاذيب التى كانت تروجها بلا خجل السلطة الحاكمة، بل ويروجها بغباء قطاع كبير من النخبة المعارضة.
لذلك كانت معركة مزدوجة وصعبة مع ثقافة مستبدة لمجتمع لا يريد الاعتراف بالتعدد، لا يريد الاعتراف بأن هناك اختلافا فى الثقافات والأعراق والأديان بين المصريين، وأن هذا لا يعنى التفكك، ولكنه يعنى أن بلدنا غنى بتعدديته، وأن هذا يصب فى النهر الواسع للشخصية المصرية.
كان حجاج يخوض الحرب ببصيرة نافذة وعقل صارم وبشجاعة كبيرة، وتحمل اتهامات صعبة، ليس فقط من الخصوم التقليديين، ولكن حتى من بعض النوبيين.. ولكن إصراره ومعه باقى رفاقه أدى إلى أن قضايا النوبيين أصبحت جزءا من الوجدان والعقل العام، بل وجزءا من عقل النخبة الحاكمة، وهذا لا يعنى أنها انتهت، بل يعنى أن الطريق أصبح ممهدا إلى حد معقول لإنهاء هذه المشاكل.
ومن حق صديقى الذى لم يتكسب من دفاع عن قضايا أهله أن يستريح، ومن حق صديقى حجاج الذى خسر المال والوقت أن يستكمل مشروعه الإبداعى الجميل الذى استمعت بالكثير منه، ومنه على سبيل المثال لا الحصر، ليالى المسك العتيقة، وناس النهر، وخوند ومعتوق الخير وغيرها.
وأتمنى أن يفاجئنا حجاج بجواهر أخرى قريبا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة