كنت من الذين تستفزهم الإعلانات الكثيرة عن المؤسسات الخيرية، مثل مستشفى 57357 وبنك الطعام وجمعية رسالة وغيرها، وكنت أتساءل: لماذا لا ينفقون هذه الملايين على العمل الإنسانى النبيل بدلا من أن تحصل عليها وسائل الإعلام؟
لكنى اكتشفت عدة أمور، أهمها أن هذه وسيلة فعالة لكى يعرف من يريد التبرع أمرين، الأول طبيعة نشاط هذه المؤسسة أو تلك، أى أين يتم إنفاق أمواله. والأمر الثانى هو أن هناك بالفعل محتاجين كثيرين فى بلدنا. وثالثا أن يختار المتبرع أين تذهب أمواله. وبالتالى فهذه الإعلانات ليست رفاهية ولا "منظرة" ولكنها وسيلة اتصال. ناهيك عن أن هذه المؤسسات تحصل على أسعار مخفضة للإعلانات، وتجمع أضعاف أضعافها. كما أن معرفة المجتمع بأهمية هذه المؤسسات يشجع الأفراد على مزيد من مبادرات الخير، مثل قرار الفنان محمد ثروت بتأسيس مستشفى 75357 آخر فى الدلتا لعلاج سرطان الأطفال.
كما اكتشفت أن المثل الصينى "لا تعطنى سمكة ولكن علمنى الصيد" لا يمكن تطبيقه على كل المحتاجين، فهناك من هم غير قادرين على العمل، والأفضل أن يحصلوا على مساعدات مباشرة ودائمة.
الحقيقة أن انتشار هذه الجمعيات والمؤسسات فى غاية الأهمية، بعد أن تخلت السلطة الحاكمة بحكوماتها المتوالية عن دورها فى وضع خطط واستراتيجيات تقلل أعداد المحتاجين، فهى للأسف تصدر قرارا هنا أو هناك بعشوائية، ناهيك عن التكاسل الفظيع فى إقرار وجود بدل بطالة شهرى للعاطلين يصون كرامتهم ويوفر لهم الحد الأدنى من الحياة. وهذه ليست منحة من أحد، فالعاطل ليست مسئوليته أنه لا يجد عملا ولكنها مسئولية المجتمع، ولأن أية حكومة شغلتها إدارة الدولة، فواجب مقدس عليها أن تنهى هذه المأساة.
هذا لا يعنى أن قيام الحكومات بواجبها ينهى دور المجتمع المدنى، أو أن هذه المؤسسات بديل عن الحكومات، ولكن يعنى فى رأيى تخفيف الأعباء عنها، لكى تساهم فى تنمية مجالاتها الطبيعية، فليس منطقيا أن تتحمل أخطاء غيرها، ناهيك عن أننى ضد أن تتحكم الحكومة فى هذه المؤسسات، وأظن أن الأفضل لبلدنا أن يقتصر دورها على الرقابة المالية فقط لا غير.
فى النهاية هذا النشاط الخيرى النبيل يدعو للفرح والأمل فى أننا قادرون على تحقيق ولو قليل من العدل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة