فاطمة خير

قول للغلط: لأ

الجمعة، 18 سبتمبر 2009 12:51 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما يكون شهر رمضان موسماً للأفعال الطيبة، لكن هذه الأفعال تتمحور حول فعل "الخير" بمفهومه التقليدى، وهذا المفهوم التقليدى لدى العامة، لا يقترب من قريب أو بعيد من مفهوم "الوطنية".

من هنا.. يمكن أن نستوعب بأن إعلانات تحض على فعل الخير "التقليدى" ـ كإعلانات التبرع لصالح مستشفى سرطان الأطفال أو مشروع بنك الطعام أو مشروعات دار الأورمان؛ هى أمر منطقى، بالنسبة للجمهور الذى تتوجه له، لكن الغريب أن يتم تكثيف إعلانات تحرض على المحافظة على أحد المرافق المهمة، وهو مرفق السكة الحديد، ليس لأن الأمر ليس مهماً، أو لأن التوقيت سيئ؛ بل لأنه للأسف: بلا جدوى!.

ليس الغرض هنا هو الإحباط، ولكن إن كان الإعلان نفسه يعترف بأنه لن يغير شيئاًً فيمن يمارسون أفعالاً من شأنها أن تضر بالسكك الحديدية، فها قد شهد شاهدٌ من أهلها، أما بالنسبة لمن يتوجه إليهم الإعلان، فلا أعتقد بأنه سيجد صدى لديهم، لماذا؟ لأن المصريين ـ للأسف ـ لا يتمتعون بحس تجاه الملكية العامة، يدفعهم للدفاع عنها، أسباب ذلك كثيرة، ولا محل لذكرها الآن، لكن النتيجة فى كل الحالات واحدة: أنه لا أحد سيهتم و"يقول للغلط لأ".

"لو" كان هناك حملة إعلامية، تستهدف إحياء روح الإحساس بالملكية العامة لدى المصريين، أو مناشدة الحس الوطنى لديهم، بهدف الحفاظ على أموال تنفقها الحكومة لتطوير مرفق السكة الحديد، لابد أن تكون لغة الخطاب أكثر منطقية، فلا مصرى سيتعارك مع راكب لأن "اتشعلق" فوق القطار، ولا مصرى سيبلغ "الكمسارى" لأنه شاهد راكب يحاول "التزويغ" من دفع التذكرة، ولا مصرى سيمسك بيد راكب يمزق كرسياً فى العربة، ليس لأنه لا أحد سيهتم وحسب؛ لكن أيضاً لأن من يتجرأ ويفعل ذلك، سيصبح عبرةً لمن يعتبر، بدءاً من جملة "وإنت مالك خليك فى نفسك يا حشرى" إلى آخر قائمة الألفاظ غير المستحبة، مع احتمال هطول لكمات.

لو أن أموالاً تنفق لرفع الوعى بالملكية العامة، فلابد من احترام من توجه إليهم، عليها مخاطبة من يمارس أفعال التخريب بطريقةٍ ما، وإنفاق الأموال على الأبحاث النفسية والاجتماعية فى هذا الإطار لن يكون خسارة مادية على الإطلاق؛ بل عدم الإنفاق عليها هو الإهدار فى حد ذاته، أما الجمهور الذى يوكل إليه مهمة أن "يقول للغلط لأ"؛ فالأولى أن نعلمه كيف يناقش بالحجة، وأن يمارس هو نفسه السلوك الإيجابى، لا أن يلعب دور "المخبر" على الركاب لصالح هيئة السكة الحديد!. رفع الوعى لدى الجمهور/ المشاهدين، يحتاج لطول بال ونفس، وإنفاق واعى، لا مجرد ميزانية لصناعة إعلان، فالوطنية فى الواقع .. لا تكيل بالبدنجان !.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة