هاتفنى صديقى فتحى الصومعى من أسيوط غاضبا، ومحتجا بسبب ما كتبته أول أمس بعنوان "الشريعة المسيحية"، وقال نحن ليس لدينا مؤسسات دينية مستقلة حتى نمارس أى نشاط دينى، والسلطة الحاكمة قتلت الأحزاب وليس لدينا منبر سياسى، باختصار، أكمل الصومعى: ليس هناك جهة ندافع من خلالها عن مصالحنا ونطرح من خلالها آرائنا، فأين نذهب؟
واستطرد: فإذا كانت نقابتا الصحفيين والمحامين هما قلعة الحريات، ويقومان بدورهما الأصيل فى الدفاع عن باقى فئات المجتمع المظلومة.. فلماذا تهاجمهما؟
طبعا صديقى العزيز الصومعى محق فى تقييمه، أى الغياب شبه الكامل للأحزاب، وهذا مسئول عنه السلطة الحاكمة كما قال، ومسئول عنه أيضا السياسيين. وكذلك الكثير من النقابات التى سيطرت عليها الحكومة، مثل نقابة المعلمين وغيرها، وهذه النقابات لا تكتفى فقط بأنها لا تدافع عن مصالح أعضائها، ولكنها تتبرع بالوقوف ضد مصالحهم ومساندة الحكومة أو رجال الأعمال.
ولكنى اختلف مع صديقى، فى أن هذه الأدوار الغائبة يريد أن يحملها لنقابة الصحفيين أو غيرها من النقابات للأسباب التالية:
1- أن الحل الجذرى لما أثاره صديقى هو أن يناضل أصحاب المصلحة فى استعادة منظماتهم المخطوفة، فعلى الأحزاب التى تريد عملا سياسيا حقيقيا أن تبادر وتكافح لانتزاع حقوقها.. وكذلك أعضاء مختلف النقابات التى لا تقوم بدورها، وإذا فشلوا فليفعلوا مثل موظفى الضرائب العقارية، الذين أسسوا كيانا مستقلا بعيدا عن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر الذى تهيمن عليه الحكومة، بل ونجحوا فى عمل صندوق وحصلوا على موافقة وزارة المالية، فقد أدركوا أن الحل الجذرى لمشاكلهم هو أن تكون لهم تنظيماتهم المستقلة، وليس بإقامة عشرات الندوات والاحتجاجات أمام وداخل نقابة الصحفيين.
2- أما فيما يتعلق بالنشاط الدينى فى النقابات فخطورته أنه يمكن أن يشعل حربا طائفية، وكما يعرف صديقى الصومعي، فالنقابات مؤسسات مهنية تضم كل التيارات والأديان، ودخولها معترك السياسية أو الدين سيفتتها حتما، ناهيك عن أن دورها الأساسى الذى وجدت من أجله هو الدفاع عن مصالح كل أعضائها.
3- دور نقابة الصحفيين ليس مناصرة تيار ضد تيار، ولا دين ضد دين، ولكن دورها الوحيد الذى وجدت من أجله هو الدفاع عن مصالح كل أعضائها بمختلف انتماءاتهم الدينية والسياسية. أما الدفاع عن مصالح الناس فهذا دور الصحفيين فى صحفهم وليس فى نقابتهم.
4- قد لا يعرف صديقى أن الصحفيين مثلهم مثل كثير من الفئات يعانون مشاكل طاحنة، منها الانهيار المروع فى الأجور والبطالة وفوضى علاقات العمل وغيرها وغيرها، وفوق طاقتهم أن يدفعوا من مستقبل أولادهم ثمن أخطاء البلد كلها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة