هل منطقى أن تبذل بلدنا كل هذا الجهد الرهيب لكى تربى وحشا مخيفا ينهش عقلها وقلبها؟
للأسف هذا يحدث ومن يفعل غيره يصبح نشازا، وكأننا جميعا اتفقنا على إعادة إنتاج الخطيئة.
أحدثكم عن رمضان، الشهر الذى أنزل فيه القرآن، الشهر الكريم الذى نغسل فيه الأرواح والقلوب، ونمنح عقولنا فرصة للتأمل، تأمل علاقتنا بالله جل علاه، أين نقف منها، وماذا ينقصنا، وتأمل علاقتنا بغيرنا، نقترب أكثر من أوجاع بعضنا البعض، مسلمين ومسيحيين وكل المصريين.
لكن هذا الوحش المخيف الذى كبرناه، أفسد كل شىء.
تأمل معى: مسلسلات لا أول لها ولا آخر.. برامج يحشدون فيها النجوم، مسابقات، مساحات هائلة فى الصحف لمتابعة كل ذلك. وخارج وسائل الإعلام تحتشد كل مؤسسات الدولة لعمل نشاط رمضانى كثيف، ويتبارى الموظفون فى التنافس فيما بينهم على الكم.. وفوق ذلك خيم رمضانية ومطاعم وكافيهات وغيرها وغيرها.
لقد اكتشف بارونات الإعلانات منذ زمن طويل، أنه يمكنهم القبض على علينا قبل وبعد الإفطار مباشرة، لكن الأمر يحتاج بجوار بضاعتهم إلى فوازير وبرامج ومسلسلات.. ودارت العجلة المخيفة وزاد العدد وزادت القنوات، وأصبح هناك مستفيدون دائمون والضحية الخاسرة هو أنا وأنت.
لست ضد الإعلانات، وأرفض إجبار الناس على أى شىء، ولكننى أظن أننا بحاجة للتوقف والتأمل، بحاجة لأن نقول لنفسنا كفى، ونبتكر أفكارا من رحم الشهر الكريم، فلدينا الاستعداد. خذ مثلا الذين لا يفطرون فى بيوتهم ويقفون فى الطرق أو فى المترو لتوزيع التمر على الصائمين والجائعين.
هذه طاقة خير أدعوكم لتطويرها، ونحتشد مثلا وراء مشروع خيرى عظيم مثل معهد الأورام الذى تهدده أزمة تمويل. أو يجتمع القادرون فى كل شارع وحارة فى بلدنا لتوفير مصدر دخل لأسرة فقيرة.. نفكر فى تكثيف الزيارات بين أصحاب الديانات والمعتقدات المختلفة.. نكرس وقتا وجهدا ومالا للأحياء المحرومة من الخدمات والمرافق، لعلاج زيادة معدلات الطلاق.. نطور فكرة وجبات للفقراء، إلى وسيلة إنتاج يتعيشون منها، زراعة مليون شجرة فى القاهرة وعواصم المحافظات.
الأفكار كثيرة والرغبة موجودة، ولكن نحتاج لإرادة قوية للخروج من بين أسنان هذا الوحش المجنون.
أظن أننا قادرون.. فلنفعلها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة