أظن أن صديقى هانى صلاح الدين يمكنه أن يتقبل بصدر رحب أن أبدأ الرد عليه بالعتاب.. فهو رغم الخلاف كاتب متميز، فلماذا يستخدم تعبيرات من "الغرب الذى رباهم"، ويقصد بالطبع العلمانيين، فهذا يضعف ولا يقوى، وينقل منطقه المتماسك إلى خانة أخرى لا علاقة لها بحوار الأفكار.
فالغرب، بالنسبة لى، وأظن لغيرى من دعاة الدولة المدنية الحقيقية، ليس القبلة، وليس المثل الأعلى، فلى عليه ملاحظات، وإن كنت أتحفظ من الأساس على أن نجمله كلاً مع بعضه، فالغرب مثل كل مجتمعات الدنيا فيه تنويعات وتناقضات، وليس كتلة مصمتة.
الأمر الثانى أن هذا الغرب لم يقتل مروة الشربينى، ولكن قتلها متطرف، مثله مثل المتطرفين الذين قتلوا هنا على أرضنا أجانب، أى لديهم هناك عنصريين، ولدينا هنا عنصريين.. ولعلى أذكر صديقى هانى أن هذا الغرب، ورغم كل تحفظاتى عليه هو ذاته الذى فتح بلاده لمهاجرين ومنحهم جنسيته، فى حين أن بلداً مثل السعودية لا يستطيع هانى الحصول على جنسيتها لو عاش بها مائة عام.
الأمر الثالث، أننى أطالب صديقى بالتوقف عن ضرب أمثلة بالرسول عليه الصلاة والسلام ومعه الخلفاء الراشدين، لأنه وكما كتبت من قبل، ليس من بين جماعة الإخوان التى ينتمى إليها من يمكن أن يكون، ما عاذ الله، مثل هؤلاء.. ومن ثم أتمنى أن يجعل مناقشتنا على أرض الواقع هنا والآن فى بلدنا.. كيف يمكننا إقامة دولة الحرية والعدل؟.
وهنا لابد أن أؤكد أننى متفق معه، وسعيد بإقراره الحاسم، استناداً إلى الشيخ القرضاوى، إلى حتمية الحقوق المتساوية بين مواطنى بلدنا، ومعه تماماً فى إلغاء تعبيرات من نوع أهل الذمة والجزية وغيرها.
فهذه مفاهيم متقدمة وتدعو للإعجاب.. ولكنه لا يكمل الخط على استقامته، فعند تولى ما يسميه الولاية الكبرى ويتراجع عن كل ذلك، أى لا يحق لغير المسلم تولى المواقع القيادية، وأهمها بالطبع رئاسة الدولة.. ويدعى أن هناك نصوصاً حاكمة.. وهذا غير صحيح.. فعلى سبيل المثال برنامج حزب الوسط، ومرجعيته إسلامية، يقر بحق أى مصرى أياً كان جنسه أو عرقه أو ديانته فى تولى رئاسة الدولة.. أى أن هناك اجتهادات أخرى من على أرض الإسلام الحضارى لا تتناقض مع المفاهيم الأساسية للمواطنة.
والغريب أن يستند هانى إلى المفهوم العددى للديمقراطية والحريات، وهذا يناقض الحديث النبوى الشريف "الناس سواسية كأسنان المشط"، كما أنه يتضمن مبدأ خطيراً وهو أن الفئة الأكثر عدداً تأخذ حقوقاً أكبر، وهذا ضد أبسط قواعد العدل.. لكن هذا أمر يحتاج إلى استكمال وإلى مزيد من التوضيح غداً.
موضوعات متعلقة..
المواطنة.. إشكالية ابتدعها العلمانيون
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة