لا يمكن السكوت على قتل مروة بهذه الطريقة الهمجية لأنها دافعت عن حقها فى الاعتقاد، ورفضت أن يصفها متطرف بـ"الإرهابية". ولكن فى ذات الوقت لا يمكن قبول منطق نائب جماعة الإخوان فى البرلمان الدكتور سعد الكتاتنى، الذى قال لزميلنا السيد الخضرى على موقع اليوم السابع: "ما حدث سببه التعصب الشديد الذى يمارسه الغرب ضد المسلمين، والتطرف والعنصرية والعنف ضد الآخر فى المجتمعات الغربية".
والسبب أن هذه أحكام إجمالية تعنى أن كل الغرب ضد المسلمين، وهذا غير صحيح، فمن المستحيل التعامل مع الغرب، "كله على بعضه"، باعتباره كتلة واحدة صماء، ولو قبلنا هذا المعيار، فعلينا ألا نغضب عندما يعتبرنا الغير إرهابيين مثل أسامة بن لادن. فالمجتمعات الغربية مثل مجتمعاتنا فيها تنويعات واختلافات وتناقضات. صحيح أن هناك قدرا من العداء لدى متطرفين ضد الإسلام، ولكن الصحيح أيضا أن هناك من يناصر حقوق المسلمين، آخرهم الرئيس الأمريكى أوباما الذى أعلن بحسم احترامه الشديد للإسلام والمسلمين، واختارت إدارته من بين مستشاريها مسلمة محجبة هى داليا مجاهد. وإذا كان هناك من يكره الإسلام، فلدينا من يكره الغرب والمسيحيين عموما، فالمتطرفون موجودون فى كل الأديان والعقائد.
الصراع بين الغرب والشرق ليس صراعا دينيا، ولكنه صراع مصالح يستخدمون فيه الدين، فجورج بوش لم يحتل العراق لتدمير الإسلام، ولكنه كان يريد الاستيلاء على منابع البترول وزيادة قوته فى مواجهة نظام الملالى فى إيران. صحيح أن بوش ورجاله استخدموا خلفيتهم الدينية المتعصبة فى هذا الصراع، ولكن الأصل هو المصالح، فذات الإدارة خاضت صراعا فى مناطق أخرى من العالم ليس فيها مسلمون، مثل كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وغيرها.
وحتى تناقض المصالح بين الدول والشعوب ليس أبديا، فقد خاضت دول أوروبا حربين عالميتين ضد بعضهما البعض، وفى النهاية وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي. أقصد أن صراع المصالح متغير، وحلوله متغيره، فلا شيء فى الصراعات الدولية، وحتى المحلية أبدى.
الذين يروجون لعداء الغرب المطلق للإسلام، هدفهم سياسى، هو حشد الجماهير خلفهم مستغلين مشاعرهم الدينية النبيلة، حتى يحققوا شعبية تؤهلهم للوصول إلى ما يريدونه.. الاستيلاء على السلطة السياسية، أو السلطة الدينية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة