هانى صلاح الدين

هذا هو ديننا يا شعيب

الخميس، 23 يوليو 2009 03:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد أثار مقالى الأخير الذى عنونته بـ"دولة مدنية لا دينية ولا علمانية"، كثيرا من ردود الفعل من قبل العلمانيين على مختلف مشاربهم، ويأتى على رأسهم صديقى "اللدود" سعيد شعيب ود.شريف حافظ، وذلك بخلاف مؤيدى العلمانية الذين أعلنوها حربا ضروسا علىّ من خلال تعليقاتهم الجارحة.

وأنا لدى قناعة كاملة بحرية الرأى والاختلاف، حيث علمنا إسلامنا حُسن التعامل مع الآخرين حتى لو جهلوا علينا أو أغلظوا لنا القول، لكن هناك تعمدا واضحا لدى جموع العلمانيين باستهداف كل ما هو إسلامى، وتشويه الحقائق، بل والنيل من الإسلام ورموزه فى بعض الأحيان.
كما أن العلمانيين أصبحوا يستغلون صراع الدولة مع التيار الإسلامى وعلى رأسه الإخوان المسلمين، حيث يحاولون توظيف هذه البيئة السياسية فى محاربة كل مظاهر التدين. غير أن هناك مجموعة من الحقائق أرجو من دعاة الليبرالية، وجنود الحرية، أن يعوها جيدا، ومنها ما يلى:

*أن الإسلام دين شامل لجميع مناحى الحياة، فتشريعاته وأخلاقه وقيمه رسخت أسس حياة متكاملة تستهدف إسعاد البشر، فهو عبادة تنمو بالروح، وشرائع حاكمة تنظم علاقات البشر.

كما رسخ هذا الدين أسسا اقتصادية شهد بعظمتها الخبراء المتخصصون، كذلك رسخ نظاما سياسيا تنزه عن ألاعيب السياسة القذرة، وأطلق الحرية المسئولة للجميع، وتمتع بالشفافية والمحاسبة الكاملة، ومن هنا يظهر بوضوح كذب ادعاء العلمانيين بأن علمانيتهم لا تختلف مع الإسلام، فكلنا نعلم أن العلمانية تقوم على الفصل التام بين شئون الدنيا والدين، وأن يقتصر الدين على الجوانب المتعلقة بالعبادة، بل يصل الأمر ببعض العلمانيين أن يعلنوا جهارا رفضهم للتشريعات الإسلامية التى تنظم شئون الحياة، والبعض الآخر نجده يتهكم على الحدود الشرعية، ولعل ما يقوم به القمنى ونصر أبو زيد ومن قبلهما فرج فودة وغيرهم خير دليل على ذلك، والسؤال الذى يطرح نفسه: لماذا يحاول العلمانيون التمسح بالدين رغم أنهم أول الرافضين لتطبيقه فى مناحى الحياة؟!

* أن محمد (صلى الله عليه وسلم) أسس لدولة مدنية أظهرت ملامحها فى مقالى السابق، وهذه الدولة بعيدة كل البعد عن الدولة الدينية التى أسسها الغرب وقامت على تحكم رجال الدين وتسلطهم على البشر، والتى أذلوا من خلالها البلاد والعباد، وأفرزت محاكم التفتيش البغيضة، وصكوك الغفران اللعينة، وقتلوا من خلالها الحرية العلمية وصفّوا العلماء جسديا، مما دفع الأوربيين أن يطلقوا عبارتهم الشهيرة "اشنقوا آخر قسيس بأمعاء آخر إمبراطور".

وبالطبع.. من الظلم البين أن يلصق العلمانيون هذا النموذج بالدولة الإسلامية التى ملأت الأرض عدلا، ورفعت الإنسانية إلى أعلى عليين، لكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور.

*أن العلمانيين العرب ما هم إلا مجموعة من المنبهرين بالغرب، العاشقين للمادية، الرافضين للهوية العربية، المنسلخين من الثوابت الإسلامية، المستهدفين لتغريب المجتمعات، ولكن مع الرفض الشعبى لأهدافهم الهدامة حاولوا أن يرتدوا ثوبا إسلاميا مشوها، مستخدمين الجهلة ممن يدّعون العلم من أجل تحليل الحرام، وتحريم الحلال، رافعين شعار التنوير، وما هم فى الحقيقة إلا ظلاميون يريدون سلخنا عن هويتنا الإسلامية، وإغراق أمتنا فى بحر لجى ظلماته بعضها فوق بعض.

*أن الوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو والتطرف أهم ما يميز شريعتنا ومنهاجنا الإسلامى، كما أن تاريخ أمتنا له أياد بيضاء على البشرية، اعترف بفضلها عقلاء الغرب، لكن نجد أن العلمانيين فى كل محافلهم يحاولون إلصاق تهمة الإرهاب والتطرف بالمتدينين، كما أنهم يشنون هجوما أعمى على تاريخنا ويحاولون أن يتصيدوا أخطاء التجارب البشرية فيه، ناسين ما به من أمجاد حق لنا أن نفتخر بها..

فهناك نماذج من حكام المسلمين من أمثال الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز وصلاح الدين وهارون الرشيد والمعتصم... وغيرهم الكثير لو كان للغرب مثلهم لأقاموا لهم التماثيل وتحاكوا بسيرتهم.

* على العلمانيين أن يعلموا جيدا أنه ليس لدينا فى الإسلام مٌقدسون، وليس لدينا أشخاص منزهون أو معصومون، فالعصمة لله ورسله، وكل يؤخذ منه ويرد إلا محمد صلى الله عليه وسلم، وكل التجارب البشرية من المحتمل أن يعتريها النقصان، ولعل ذلك رسخه الصديق أبو بكر فى أول خطبة له بعد توليه الخلافة، حيث طالب المسلمون أن يعينوه إذا أصلح وأن يقّوموه إذا أساء..

لكن علينا أن نتفق أن المنهج الإسلامى صالح لكل زمان ومكان، وبقدرته أن ينقذ البشرية مما تغرق فيه الآن من مفاسد أخلاقية وأزمات اقتصادية، فهو دين ودولة، كما أن هناك نماذج للحكم الإسلامى أثبتت للتاريخ كفاءتها، فإذا اتفقنا على شمولية الإسلام للحياة وتقييم الأداء البشرى فى تفعيل هذا المنهج المعتدل سواء بالسلب أو الإيجاب، فمرحبا بأى شخص فى إطار المشروع المدنى الإسلامى المتمسك بالثوابت والهوية الإسلامية.

دولة مدنية لا دينية ولا علمانية
علمانية هانى صلاح الدين
هذا ليس دينك يا هانى








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة