أسهل عمل فى الدنيا أن ترفض كل صباح أى شىء وكل شىء، فإذا قامت السلطة الحاكمة بأى فعل إيجابى، فعليك رفضه فورا، وإذا لم تستطع، لأن رأيك ليس مبنيا على منطق قوى، فواجبك "الوطنى" يحتم عليك أن تسخفه أمام الرأى العام.. فهذا هو دور "المعارض الأصيل".
الخطورة هى أن هذه الطريقة تفسد المفهوم النبيل للمعارضة، والمفترض أن هدفها ليس الوقوف فى وجه السلطة الحاكمة، ولكن هدفها الأسمى هو رفض أى فعل سلبى يمكن أن يؤذى البلد والناس، سواء قام به الحكومة أو الأحزاب أو القوى السياسية خارج السلطة، أو حتى قام به عموم المصريين.. فليس منطقيا أن تندد بجرائم الحكومة، فى حين تصمت تماما على جرائم معارضيها، وهذا ينقل البوصلة فى تقديرى من الاتجاه الخاطئ وهو معارضة السلطة الحاكمة "عمال على بطال" إلى خانة الدفاع عن الصالح العام.
بهذا المعنى سنعارض أى فعل سلبى يضر الناس حتى لو حكم البلد أشد المعارضين الحاليين شراسة، وسنؤيدهم لو قاموا بأى فعل إيجابى مهما كان صغيرا.. فالصحيح هو ألا نعطى لأحد أيا كان توكيلا بالتأييد إلى الأبد.. وليس منطقيا أن نعارضه ونرفضه مهما فعل أيضا.
باختصار يجب أن يتصدى، كل منا، لما يراه خاطئا، سواء قام الأخوان أو الناصريون أو غيرهم، وسواء قامت به السلطة الحاكمة. وعلى كل منا أن يؤيد ما يراه صوابا سواء قامت به أى قوى معارضة أو قامت به الحكومة، وذلك سيعظم الإيجابيات ويخفف من تأثير السلبيات.
وبالتالى فالمعارضة ليست مهنة، وكذلك التأييد، وإذا حدث وكان كذلك، فهذا معناه، وأرجو أن يعذرنى أصدقائى المعارضين والمؤيدين، أن هناك أهدافا أخرى غير الصالح العام، وفى الأغلب الأعم هى أهداف ومصالح شخصية.
فليس صحيحا أن تأييد السلطة الحاكمة هو الذى يحقق فوائد ومزايا.. فمعارضتها أيضا يحقق الكثير.. ويساعد فى ترويج صحيفتك ويجعلك نجم فضائيات ويفتح أمامك الباب الواسع للكتابة هنا وهناك وعمل برامج هنا وهناك، والمشاركة فى مؤتمرات وأبحاث وغيرها وغيرها، ناهيك عن أنه يجعلك بطلاً أمام نفسك وأمام الناس، رغم أنك لا تدفع ثمنا حقيقيا، فهذه بطولة مزيفة.
فمن الأكاذيب الكبرى فى بلدنا أن المعارضين يخسرون، ومن الأكاذيب الكبرى أيضا أن المعارضة طوال الوقت على صواب وطوال الوقت يهمها مصالح الناس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة