هانى صلاح الدين

الدكتور يسرى لقد نفد رصيدكم

الثلاثاء، 23 يونيو 2009 07:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يختلف اثنان على أن التعليم أساس ازدهار وتقدم أى أمة، كما أنه قلب الحضارة النابض الذى يضخ دماء الحداثة والتجديد والوعى فى عقل وتفكير الشعوب، فتراثنا وحضارتنا تشهد لأسلافنا بما قدموه من جهد علمى وتعليمى، أضاء حياة الإنسانية على مدار قرون عديدة، وكان بمثابة الأسس المتينة التى شيد عليها الغرب حضارتهم الحالية، لكن فى عصرنا الحديث ابتلينا بسياسات تعليمية متضاربة تختلف باختلاف الحكومات والوزراء، وكلها سياسات غير واضحة المعالم تقوم على الاقتباس من النظم التعليمية المتقدمة غير المرشد، وغير المتماشى مع إمكانيات مؤسساتنا التعليمية، وقد وصل هذا التخبط إلى ذروته فى عهد وزير التعليم الحالى الدكتور يسرى الجمل وفيما يلى سأتعرض لأهم مظاهر التخبط فى السياسات التعليمية فى عهده:

*أول هذه المظاهر تتمثل فى إهانة المعلمين بشكل لم يسبق له مثيل، ففى عهد الجمل وجدنا المدرس يهان بشكل جرح كرامته وأضاع هيبته، فتارة يصدر الوزير قرارات تحرم على المعلم أى وسيلة تأديب لطلابه مما دفع الطلاب للتطاول على معلميهم ولعل آلاف المحاضر التى تم تسجيلها بأقسام الشرطة والنيابة بين الطلاب ومدرسيهم خير دليل على ما أقول، فهناك أكثر من 10 آلاف محضر خلال العام الدراسى الماضى، وأكثر من ربع مليون تحقيق فى إدارات الشئون القانونية بالمحافظات المختلفة بسبب تعدى طالب على مدرس أو العكس خلال العامين الماضيين.

*كما شهد عهد الجمل أكبر مهزلة فى تاريخ التعليم المصرى وهو ما عرف بامتحانات كادر المعلمين، والذى وضع المعلم المصرى فى مأزق كبير، حيث تعرض لمهانة من خلال الامتحانات التى شهدناها جميعا وما بها من إذلال لهم، ومن لم يوفق فى هذه الامتحانات تعرض للسخرية من طلابه وأصبح يلقب بالمعلم الراسب، وقد أكد لى معلم فاضل ممن لهم الفضل علىّ، أنه أصيب بحالة من الاكتئاب بعدما وجد نفسه له دور ثانى فى امتحان الكادر وكادت دمعات أستاذى الذى خرّج العشرات من أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين والصحفيين من أمثالى تتساقط لولا أن تمسك بصلابته التى اعتدناها عليه.

*ولم تقف آثار هذه السياسات المتخبطة عند هذا الحد بل طالت الطلاب أيضا، ففى عهد الجمل الذى كان دوما يعلن أن مثله الأعلى الدكتور حسين بهاء الدين الذى شهد التعليم فى عصره أكبر عملية تخريب وفساد لعقل الطالب المصرى، نجد أن الامتحانات فى مراحل التعليم المختلفة أصبح الغش أهم مظاهرها، وقد سجلت الشئون القانونية فى عهد الدكتور الجمل ما يقرب من 100 ألف حالة غش ما بين غش جماعى، وغش فردى، وتسريب امتحانات، وبالطبع كان على رأسها امتحانات الثانوية العامة العام الماضى، كما أصبحت امتحانات الثانوية العامة فى عهده ألغازا صعبة الحل وقد لقى 7 طلاب فى عهد الجمل حتفهم بسبب امتحانات الثانوية العامة ما بين منتحر ومصاب بانفجار فى المخ، كما شهد عصره تغيير مسار 10 آلاف طالب من الثانوية العامة للدبلومات الفنية بسبب تعثرهم فى هذه المرحلة.

*ومن المظاهر التى يشعر بها العاملون بالوزارة وأيضا محررى التعليم وجود مراكز قوى سيطرت على الوزارة، ولا أنكر أن هذه المراكز لم يكن بدايتها من عصره، لكنها تأسست بوضوح فى عهد الوزير الأسبق حسين بهاء الدين، واشتبك معها الوزير السابق الدكتور أحمد جمال الدين موسى الذى لم يصمد أمامها كثيرا، حيث نجح إخطبوطات الوزارة بالإطاحة به بعد عام وأشهر قليلة، وذلك بالرغم من نجاحه فى وضع إستراتيجية تعليمية محترمة واضحة المعالم شهد لها الخبراء التعليميون، لكن لم تمهله مراكز القوى لينفذها.
* كما أن المؤسسات التعليمية فى عهد الجمل أصبحت أسيرة التحكم الأمنى، فنجد أن حركات التعليم ومعلمى الروابط المختلفة وحركات الإداريين عانت الأمرين من التعنت الأمنى بالمدارس، كما تم تحويل أكثر من ألف مدرس فى عهد الجمل إلى وظائف إدارية بسبب انتماءاتهم السياسية وخاصة الإسلامية، ولا أنكر أن الرجل حاول فى أول عهده تخفيف القبضة الأمنية على مؤسسات وزارته التعليمية، لكنه كان مخيرا بين الرحيل أو تنفيذ سياسات الدولة، فما كان منه إلا الرضوخ لمطالب من بيدهم الأمر.

* كما شهد عصر الجمل تطبيقا خاطئا لنظم تعليمية ناجحة فى بعض الدول المتقدمة، ويأتى على رأسها نظام التقويم التراكمى أو التقويم الشامل، وأنا كدارس للملف التعليمى أعلم جيدا مدى أهمية هذا النظام التعليمى، لكن لكى ينجح لابد أن تهيأ الظروف المناسبة له، مثل أن تكون كثافة الفصول لا تزيد على 20 طالبا، وأن تتوافر الإمكانيات المادية والمعملية لممارسة أنشطة هذا النظام التعليمى، لكن للأسف تحول النظام الناجح عالميا إلى نظام فاشل بدرجة امتياز فى مدارسنا، لأنة تحول من تطبيقات عملية، لتطبيقات ورقية، حيث يقوم المعلم "بتستيف" الأوراق المطلوبة مع نهاية كل شهر وعام، دون أن يستفيد الطلاب بالجانب العملى لهذا النظام التعليمى.

هذه بعض المظاهر لتخبط سياسات التعليم المصرى فى عهد الدكتور يسرى الجمل الذى أعلم أنه لن يستطيع أن يغير كثيرا لو بقى عشرات السنين فى منصبه، كما أن هناك المزيد من هذه المظاهر التى تجعلنا نقول للوزير لقد نفد رصيدكم من صبر الطالب والمعلم والأسرة المصرية، ولذا نسألك الرحيلا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة