فاطمة خير

واحد متخلف..

الأربعاء، 27 مايو 2009 10:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرار صائب.. الذى أصدره وزير التربية والتعليم "يسرى الجمل" والذى يقضى بدمج الأطفال المعاقين فى المدارس الحكومية. فسياسة الدمج ينادى بها الناشطون فى حقوق المعاقين منذ زمن، وهو اتجاه يسود الآن عالمياً، وتوجد فى مصر نماذج فردية تعمل على تطبيق الدمج من خلال مشروعات صغيرة لا يعرفها أكثر المحتاجين لها، يقوم بها أفراد ينشئون جمعيات لهذا الغرض، أو يكون نشاط دمج المعاق ضمن أنشطة الجمعية الأهلية أو المنظمة غير الحكومية.

القرار الذى أصدره "الجمل" يقضى بدمج الطلاب المصابين بإعاقات طفيفة فى 10% من المدارس الحكومية فى جميع مراحل التعليم قبل الجامعى وكذا رياض الأطفال، مع السماح لأى مدرسة حكومية خارج نسبة الـ10% المقررة ولأى مدرسة خاصة بتطبيق النظام.

الوزير حدد عدد الطلاب المقبولين فى كل فصل بأربعة، مع جواز تحويل من تنطبق عليهم شروط النظام الجديد، من مدارس التربية الخاصة إلى مدارس التعليم العادى.

وبرغم أن قرار الوزير يقضى بأن توفر المدارس التى ستطبق النظام احتياجات الطلاب المعاقين، وأن يحصل المعلمون والعاملون على التدريب اللازم للتعامل مع هذه الفئات، إلا أن السؤال الذى سيظل يطرح نفسه بقوة هو: كيف؟

صحيح أن الوزير قال بأنه سيتم صرف حوافز لهؤلاء العاملين والمدرسين، وبأنه سيتم التنسيق مع المركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى، لمراعاة الفروق بين الطلاب الأصحاء والمعاقين، لكن هل هذا يكفى؟

إن نضج القرار التربوى لن يكون سوى بـ"آليات" ناضجة لتطبيقه، فنحن نعيش فى مجتمع لا يزال يتعامل مع المعاق الذهنى باعتباره "متخلف"، حتى أننا لا نزال نطلق على الواحد منهم لفظ "متخلف عقلياً" فى أحسن الحالات ـ فى الوقت الذى نستخدم فيه هذا الوصف كسبة حين نصف به الأصحاء ـ ولم يصل إلى مداركنا حتى الآن أن هؤلاء صار يطلق عليهم وصف "متأخر ذهنياً".

فى مصر تجارب أهلية ناضجة وتمتلك خبرة فى هذا المجال، لا مناص من الاستعانة بها، ودراسة تجاربها، وتوظيف كوادرها فى تطبيق هذا النظام الإنسانى، للوصول به لأفضل نتائج قد يصل إليها، ولإثراء التجربة نفسها، ولتطوير القرار وتلافى سلبيات قد توجد به، ففئات المعاقين كثيرة، ومنها فئات تحتاج إلى دراسة وتدريب ووعى وإيمان ورغبة حقيقية فى التعامل معها، كما أنه حتى نسبة الـ10% نفسها التى حددها الوزير.. هل تعتبر كافية؟ وكيف سيتم تأهيل العاملين للتعامل مع هؤلاء الأطفال؟ وكيف سيتم تأهيل التلاميذ الأصحاء أنفسهم للتعامل مع زملائهم الجدد؟ ... إلخ وغيرها الكثير من الأسئلة التى لن نعرف الإجابة عنها بين يومٍ وليلة.

قرار الوزير عصرى، لكن تطبيقه هو شىء مختلف تماماً، يحتاج لماكينة بشرية هائلة تؤمن به، كحال العاملين فى مجال رعاية المعاقين، ولخلق وعى مجتمعى يؤمن بحق المعاق فى حياة طبيعية، وفى حق المجتمع فى توظيف المعاقين كأفراد منتجة، المسألة ستحتاج إلى الكثير من الوقت أيضاً، فتغيير فكر المجتمع ليس سهلاً، خاصةً إذا تعلق بموروثات راسخة تجاه فئة تعتبر منبوذة حتى الآن، والعبور من لفظ "متخلف" إلى "متأخر" سيحتاج منا الكثير.. لكنه فى النهاية فى مصلحة الجميع.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة