فى الأغلب لن تجد برامج جادة فى انتخابات نقابة المحامين، تدافع عن أجورهم، ولن تسمع كلاماً جاداً حول تنمية مهارات الأعضاء حتى يمكنهم زيادة دخلهم فى سوق العمل، ولن تسمع أيضاً ولو مرشح واحد يتحدث عن الكيفية التى يمكن بها رفع أجور المحامين العاملين لدى أجهزة الدولة، أو فى الشركات الخاصة، ولا برنامج أو خطة لضبط علاقات العمل داخل مكاتب المحامين عموماً ومكاتب الكبار منهم خصوصاً. وفى الغالب لن يتساءل أحد: هل يجوز أن يكون صاحب العمل والعامل أعضاء فى نقابة واحدة، هل منطقى أن يكون المحامى الكبير صاحب المكتب والعاملون عنده أعضاء فى نقابة واحدة؟
لا أظن أن هذا يحدث فى الدنيا كلها، فالنقابات اخترعها البشر لحاجتهم إلى كيان يدافع عن مصالح متجانسة وليست متناقضة، فكيف يمكن مثلاً لمحامٍ أجير أن يشكو لنقابته، فيجد صاحب المكتب الذى يشكوه هو ذاته عضو المجلس أو النقيب؟
فهل يمكن أن يكون أن يكون الإنسان خصماً وحكماً فى ذات الوقت؟
بالطبع هذا مستحيل.
والخلاصة هى أن النقابات فى بلدنا لم تعد نقابات، ولذلك ستجد التلاسن بين المرشحين محوره السياسة، فسامح عاشور ناصرى قومى أو رجائى عطية مدعوم من السلطة الحاكمة وتخلت عنه لتعطى دعمها لعاشور، والانشغال بموقف الإخوان، وغيرها وغيرها.
أى ستجد كل ألوان السياسة وصراعاتها، ولن تجد النقابة، ولن تجد مصالح الأعضاء، وإذا وجدتها ففى الغالب سوف يتنافس المرشحون على تقديم امتيازات، مثل بناء مدينة أو مستشفى، وهذا ليس خطأ، ولكن الجريمة النقابية هى أن يكون هذا وحده ما يملك المرشحون تقديمه، فهذه على أهميتها مجرد مسكنات لا تشفى من المرض العضال.
الحقيقة أن نقابة المحامين ليست استثناءً، ولكن هذا حال النقابات فى بلدنا، فإما أن تختطفها السلطة الحاكمة أو يختطفها معارضوها، لتتحول إلى ساحة حرب سياسية، ليس مهماً تحقيق مصالح الأعضاء، ولكن المهم هو أن يسجل كل فريق نقاطاً سياسية ضد خصومه.
أعرف أن السبب الرئيسى هو حصار السلطة الحاكمة للقوى السياسية المعارضة، ولكن هذه معركتهم، وليس منطقياً أن يدفع غيرهم الثمن، ثم إذا كانت قوى المعارضة ومعها السلطة الحاكمة "قلبهم" مع الناس، فعليهم أن يتركوا النقابات، وكفاهم تدميراً لها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة