ذكرتنى الدعوة للاحتفال بالذكرى الأولى لـ 6 أبريل بحالى أيام التلمذه، عندما كنت أنظم احتفالاً أسبوعياً مصحوباً براحة ثلاثة أيام تخليداً لذكرى استذكار الدرس الأول، وكانت هذه الاحتفالات هى المسئول الرئيسى عن تراكم الدرس الثانى والثالث والخامس عشر على قلبى وزنقتى المزمنة آخر كل عام.
تذكرت هذا عندما كنت أقف مع زميل صحفى قريب لقلبى محمد عبد القدوس، أعرض عليه بصفته عضو مجلس نقابة الصحفيين مشهداً من مشاهد أزماتى المهنية والوظيفية وهى كثر, بفعل عامل وراثى عن أبى استأثرت به دون كل أخواتى, وكانت إجابته "هاتلك يافطه وتعالى أقف معانا فى 6 أبريل"، وعندها شعرت بالامتنان له، فالرجل أعطانى آخر ما عنده ولم يبخل علىّ بأى من إمكاناته فى المساعدة.
نبذل كل جهد ونحشذ كل الهمم لنحتفل بذكرى محاولة احتجاج على وضع مازال قائماً بل يتصاعد، والأصل فى الموضوع أن الوضع فى مصر بعد 6 أبريل الماضى لا يشير إلا لمعنى واحد، وهو حصولنا على شرف الخسارة أو نقطة المهزوم، كما هو فى الألعاب الرياضية، وبدلاً من أن نجعل 6 أبريل بكل خبراته فى العصيان المدنى نقطة بداية لمزيد من أشكال وحركات الرفض لكل الانتهاكات المتوالية علينا، حولناه لذكرى أشبه بالاحتفال بعيد ميلاد متوفى ناصبين له الموالد والزار "وشىء لله يا سيدى أبريل".
وللذكرى، والذكرى كما نعرف تنفع المؤمنين، ما بين "الإبريلين" أمور كثيرة، منها أحداث محاكمة مجرمى العبارة وانتهائها بعد كر وفر بمشهد أقارب الضحايا يهتفون يحيا العدل سعداء بالحكم 7 سنوات على قاتل الآلاف!!!! ولسان حالهم يقول بإذعان "نصف العمى ولا العمى كله، أهو أحسن من البراءة اللى حصل عليها فى الدرجة الأولى" تذكرت, لا أعلم لماذا, محمد الوكيل الذى "انطس" 15 سنة سجن فى قضية رشوة، ويحيا العدل.
ما بين "الإبريلين" زنقت الحكومة المصرية أبناء غزة بين حدود رفح وحدود إسرائيل، ووقفت صامتة على محارق الأطفال والعزل بيد الصهاينة بين الحدودين.
ما بين "الإبريلين" نُصبت أسرع محاكمة لصحفى مصرى؛ مجدى حسين، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات لتجرؤه وسفره إلى غزة للتضامن مع ضحايا المحارق الصهيونية.
ما بين "الإبريلين" خرجت طوائف مهنية من الشعب المصرى تحتج فى استحياء على عدم صرف حافز الاثابة التى وعد به رأس الدولة منذ عام ولم يُنفذ، وحافز الإثابة هو مبلغ ألقته الحكومة للموظفين ليس بهدف الإغناء من جوع، وإنما أشبه بحزمة البرسيم التى ربطها جحا على رأس حماره ليدفعه للسير.
ما بين "الإبريلين" وقف الصحفيون الذين هم ضمير الأمة يهتفون على سلم نقابتهم، مطالبين بالبدل النقدى من الحكومة بعد أن كانوا يهتفون بالحرية للشعب.
فرق بين وطننا ووطنهم، وطننا هو الوطن الذى نعيش فيه بكرامة، ووطنهم هو الوطن الذى يعيشون فيه على عرقنا ويمصون فيه دماءنا ويلقون لنا بالفتات، ولهذا فإن امتناعنا عن الدوران فى ساقية خيرهم ليس تخريباً للوطن كما يحاولون إيهامنا، وإنما هو تدمير لوطنهم المستغل وبداية لسيادة وطننا الكريم، هذا ما يجب بعد أبريل.
رحم الله قدوتى أبو ذر الغفارى، عندما قال "عجبت لمن لم يجد قوت يومه ولم يخرج شاهراً سيفه"، فما بالكم بمن لم يجدوا يومهم ذاته وضاع زمنهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة