بالرغم من الخطب العنترية التى يطلقها القادة العرب والمسلمون حول ضرورة حماية المسجد الأقصى والقدس، وأنها عاصمة أبدية لفلسطين، نجد أن الواقع يأتِ ليؤكد أن كلماتهم لم تتجاوز الحناجر، وأن أفعالهم وتشرذمهم يزيد مأساة هذه المدينة، وأن تطبيعهم المتصاعد مع الكيان الصهيونى يسمح لهؤلاء الغاصبين، أن يزيدوا من أطماعهم فى مدينة السلام، وقد وصل الأمر بهم بعد حفرياتهم تحت المسجد الأقصى وحرقه من ذى قبل، إلى أن يخططوا لينهوا على المسجد بنهاية العام الحالى.
وبالطبع لن يجد هؤلاء المتطرفون بيئة سياسية صالحة لتنفيذ مخططهم اللعين مثل البيئة الحالية التى يقود فيها أسوأ المتطرفين نتنياهو، الحكومة الصهيونية، ويتولى المتوحش العاشق لدماء العرب والمتطاول على الكرامة العربية والمصرية ليبرمان حقيبة الخارجية، لذا نجد أن الصهاينة بدأوا يسرعون فى تنفيذ مخططاتهم فى الإجهاز على الأقصى وسط صمت عربى مذلٍ واستنكار إسلامى أجوف، لن ولم يحرك ساكناً.
ولا أدرِ ماذا ينتظر المسلمون والعرب، الذين تملأ أذانهم صرخات الاستغاثة التى يطلقها إخواننا المقدسيون، وتملأ عيونهم لقطات الحفريات التى تتناقلها كاميرات الفضائيات، فهل ننتظر حتى ينهار المسجد الأقصى، ونجلس نتباك على أطلاله، كما فعلنا من قبل مع شهداء غزة، أم ننتظر أن يعمنا الله بعذاب جزاء لتخاذلنا، أم نرفع الراية البيضاء ونعلن للعالم أن أمتنا نضب فيها الرجال، وشلت فيها الأيدى وخرصت فيها الألسن، وعميت فيها الأبصار.
أريد أن أذكر بأن القدس والأقصى هما مؤشران لنهضة أو كبوة الأمة، فعندما نكون فى مجدنا نجد أن القدس تنعم بمظلة حكمنا، فها هو عمر بن الخطاب يحررها ويجعلها فى حضن المسلمين الدافئ، وعندما دب فينا التخاذل والفرقة استولى عليها الغرب والحملات الصليبية قروناً عدة، وقد شهدت أوائل أيام احتلال الصليبيين للقدس سفكاً للدماء لم يشهده التاريخ من قبل، ووصف المؤرخون هذا المشهد الدموى بأن الخيول غاصت لركبتيها فى دم العرب مسلمين ومسيحيين، وعاشت القدس فى ذل ومهانة وظلم طال الجميع، حتى جاء صلاح الدين وحررها ليعود مؤشر نهضة الأمة فى الصعود من جديد، وينعم الجميع بالحرية، فما سمعنا على مر تاريخ أمتنا أن قام المسلمون بالنيل من مقدسات الأديان الأخرى، وكان شعارنا "لكم دينكم ولى دين"، حتى تفرقت الأمة من جديد وتلاعب بها الاستعمار والخونة من عملائه وباعوا القدس والأقصى بثمن بخس، بداية من وعد بلفور ونهاية باتفاقيات الاستسلام المهينة من نوعيات كامب ديفيد وأوسلو وأنا بولس وغيرها، والتى لم نجن منها إلا مزيداً من إراقة دماء الأبرياء وحرق وهدم المسجد الأقصى.
وأرى أن على الأمة دوراً مهماً فى حماية الأقصى، خاصة فى ظل التخاذل الواضح لقادة الأمة الإسلامية والعربية، وأول مهام هذا الدور تكوين جماعات ضاغطة على الأنظمة لكى تقطع علاقاتها بالكيان الصهيونى، وتقف ضد كل أشكال التطبيع، وأن نحمل هذه الأنظمة على اتخاذ موقف جاد لحماية الأقصى لا يكون له سقف سياسى، كما علينا أن نستخدم وسائل الرفض السلمية مثل التظاهر والاعتصام للتعبير عن رفضنا لتهويد أو المساس بالأقصى أو القدس، كما علينا أيضاً تفعيل المقاطعة لكل المنتجات الإسرائيلية ومن يقف بجوارها، فكيف نعطى أعداءنا أموالنا لكى يهدموا مقدساتنا، وعلى الجميع أن يستشعر خطورة الموقف، فاليهود لن يقفوا عند هدم الأقصى، بل أيديهم الخبيثة ستحاول النيل من أمننا ومقدساتنا أينما كانت.
وعلى الإعلاميين وأصحاب الأقلام الشريفة دور كبير، فأمانة المهنة تستوجب علينا جميعاً أن ندشن حملة إعلامية، نفضح من خلالها مخططات الكيان الصهيونى نحو هدم الأقصى، وأن نرفع أسنة أقلامنا دفاعاً عن قدسنا، فقضيتنا عادلة لكن لا تجد من يدافع عنها بإخلاص، فى حين أن الإعلام اليهودى يروج ليل نهار لفكرتهم ومخططاتهم، كما أنهم يلبسون باطلهم ثوب الحق أمام الغرب من خلال آلاتهم الإعلامية لحشد مزيد من الأنصار لهم، ونحن ككتاب وإعلاميين ليس أقل منهم ولاء لأمتنا وعقيدتنا وهويتنا، وقد جاء الوقت لنتصيد لهؤلاء المتطرفين، الذين أدمنوا أن يسعوا فى الأرض فساداً، وعلينا أن نرفع أفراداً وجماعات شعار "لن نهنأ بالحياة مادام الأقصى فى خطر".
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة