صباح يوم من أيامى العادية جداً، اتصل بى زميل صحفى ممن التحقوا بعضوية نقابة الصحفيين من خلال آخر لجنة قيد، والتى شهدت اختبارات مدققة جداً للمتقدمين لعضوية النقابة بهدف الارتقاء بالنوع الصحفى وضمان رقى مستوى الصحفيين الثقافى والمهنى.
تابعت المكالمة باهتمام وحبور، وكيف لا؟ وأنا أمام صحفى مُختبر، وللأسف كانت مكالمة شخصية لم أستطع الاستفادة خلالها من إمكانياته التى أقرتها لجنة رفيعة المستوى بنقابة الصحفيين.
سألنى زميلى المخُتبر عن عنوان ما، وكان وصفى أنه أمام كوبرى عباس، فقال لى بثقة العارفين والعلماء "آه عارفه مش بتاع الطلبة اللى غرقوا مع أحمد عبد الله رزة والكلام ده لما اتفتح عليهم الكوبرى".
وكما أنه "كله عند العرب صابون"، كان الأمر عند صاحبى المُختبر "كله عند الصحفيين طلبة"، ولهذا أردت أن أكتب له ملحوظات تاريخية بسيطة أتشرف بضمها إلى معرفته الواسعة، والتى أقرتها اللجنة رفيعة المستوى بنقابة الصحفيين.
يعود تاريخ فتح كوبرى عباس على الطلبة المتظاهرين إلى يوم 21 فبراير 1946م، حيث قررت اللجنة الوطنية للطلبة والعمال آنذاك اعتبار يوم 21 فبراير يوماً للجلاء، ودعت فيه إلى إضراب عام احتجاجاً على استمرار الاحتلال الإنجليزى لمصر، وتقبل الشعب المصرى الدعوة، وخرجت مظاهرات كبرى اتجهت إلى ميدان الأوبرا انتهت بمؤتمر شعبى خرج بقرارات مقاطعة المفاوضات مع المحتل والتمسك بالجلاء عن وادى النيل وإلغاء معاهدة 1936.
وصلت المظاهرات إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير) بالقرب من الثكنات البريطانية، وتصدت لها السيارات العسكرية البريطانية التى دهست المتظاهرين، وفى الوقت نفسه شهدت الإسكندرية مظاهرات مماثلة انتهت باستشهاد 28 مصرياً وجرح المئات وقتل جنديين بريطانيين.
أثناء سير مظاهرة على كوبرى عباس قامت قوات الأمن المصرية بفتح الكوبرى، مما أدى إلى غرق العديد من الطلبة.
قررت اللجنة الوطنية بعدها اعتبار 4 مارس يوماً للحداد العالمى على شهداء 21 فبراير، حيث تضامنت شعوب السودان وسوريا ولبنان وشرق الأردن مع الطلبة المصريين فى هذا اليوم باعتصامات ومظاهرات.
هذا باختصار شديد ما يختص بذكرى فتح كوبرى عباس، أما فيما يختص بذكرى الزعيم الطلابى الراحل أحمد عبد الله رزة، فيعود إلى فترة السبعينيات، حيث ترأس الراحل اللجنة الوطنية العليا للطلاب التى قادت انتفاضة الطلاب فى يناير 1972، وقاد عدة اعتصامات وإضرابات طلابية، وتعرض للاعتقال ثلاث مرات خلال عامى 1972 و1973، وادى امتحان السنة النهائية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية من داخل المعتقل، حيث حصل على البكالوريوس، ووصفه الصحفى موسى صبرى بأن له قدرة تأثيرية على مستمعيه.
حصل أحمد عبد الله رزة على الدكتوراه فى العلوم السياسية من جامعة كمبريدج، وعاد إلى مصر فى الثمانينيات، ليجد الطرق جميعها مغلقة بفعل سيطرة المُختبرين من أبناء جيله.
ومن أهم مؤلفاته "الطلبة والسياسة فى مصر" وهو موضوع رسالته للدكتوراه، والذى ترجمته بكفاءة عالية عن الإنجليزية زميلتنا الصحفية إكرام يوسف.
وإذا كان شهداء 21 فبراير قد سقطوا بفعل فتح كوبرى عباس عليهم، فإن الشهيد أحمد عبد الله غادر دنيانا فى 6 فبراير 2006، ربما بفعل حسرته من سيطرة المُختبرين.
على فكرة، ملحوظة لزميلى الصحفى المُختبر، اسمه كوبرى "عباس" مش كوبرى
"ببس".
* صحفى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة