ما أزال أتوقع وأنتظر ردود فعل أقوى وأكبر فى مصر للقرار السويسرى بحظر بناء مآذن فى كل سويسرا.. صحيح أن فضيلة المفتى أعلن أن القرار السويسرى إهانة لكل المسلمين فى العالم وأن الصديق العزيز مصطفى بكرى سبق الجميع وتقدم فى مجلس الشعب بطلب إحاطة لوزير الخارجية للتساؤل عن الإجراءات الحكومية والسبل الكفيلة للرد على إساءة الحكومة السويسرية والشعب السويسرى للإسلام.. لكننى لا أرى ذلك كافياً.
فلابد من حرق الأعلام السويسرية فى أكثر من مكان فى القاهرة.. ولابد من شتيمة سويسرا والسويسريين سواء على أوراق صحافتنا أو على شاشاتنا أو فى منتديات الإنترنت ومجموعات الفيس بوك.. ولابد من جهد لجمع أكبر عدد ممكن من الفضائح أو حتى اختراعها لنتبادلها فيما بيننا، انتقاصا من قدر ومكانة واحترام أى أحد أو أى شىء له علاقة بسويسرا.
وبالتأكيد لابد من مقاطعة كل المنتجات السويسرية سواء كانت أسلحة أو شيكولاتة أو ساعات وأجبان.. فهذا هو الجهاد الذى أتخيله فرضاً واجباً علينا كلنا دفاعاً عن الإسلام.. أقصد أن هذا هو الجهاد الوحيد الذى نعرفه ونملكه ونقدر عليه.. وسبق لنا أن مارسناه كثيراً من قبل.
نفس السيناريو يتكرر فى كل مرة.. نفس الغضب والحماسة والانفعال.. نفس الصخب والغضب والصراخ.. ثم سرعان ما نهدأ وننسى وننشعل بأمور أخرى، ونبقى ننتظر أى حدث جديد لنعود معه إلى صراخنا وتلويحنا بالغضب والشتائم والمقاطعة.. وحتى لا تبقى تلك الدائرة مغلقة ودائمة.. لابد أن نكسرها.. ولابد أن أدعو الجميع لأن نفكر بهدوء.
فالقرار السويسرى لم يكن قرار دولة أو حكومة أو وزير أو هيئة.. إنما كان قرارا شعبيا، أى أكثر من نصف الشعب السويسرى هو الذى أصدر هذا القرار فى استفتاء عام.. وهذا الأمر فى حد ذاته له كثير من المعانى والدلالات.. ثم إن هذا الاستفتاء والقرار الذى انتهى إليه كان محددا، وهو يعنى عدم السماح ببناء مآذن جديدة فقط.. أى أن المآذن القائمة بالفعل سواء فى جنيف أو غيرها ستبقى قائمة ولن يهدمها أحد.. والمساجد القائمة ستبقى قائمة، وسيبقى مسموح لمسلمى سويسرا ببناء مساجد جديدة، ولكن بدون مآذن.باختصار.. صدر القرار بعد الاستفتاء السويسرى.. فبدأ الناس هناك فى سويسرا وأوروبا والعالم كله يناقشون معناه ودوافعه وتداعياته ونتائجه إلا المسلمين.. نحن لا نحب النقاش.. نحن ليس لدينا وقت للتفكير.. نتخيل أن أى حوار نقيمه مع السويسريين سيعد بمثابة تراخ فى الدفاع عن الإسلام أو عدم غيرة على ديننا.. ولن تستريح ضمائرنا إلا إن أمسك كل واحد فينا بعلم سويسرى وأحرقه أو وقف أمام السفارة السويسرية أو فى أى ميدان وشتم سويسرا وأهلها.
وفى غمرة هذه الحماسة.. وبعدما نتسابق كلنا لإظهار من منا أكثر غيرة على الإسلام.. سننسى أنه كان الأفضل للإسلام ولنا أن نقدم صورته الحقيقية لكل هؤلاء الناس العاديين هناك الذين باتوا يخافون من الإسلام، ويتخيلونه دينا يحض على الدم والإرهاب.. سننسى أن كل هؤلاء السويسريين الذين صوتوا ضد بناء أى مآذن جديدة.. ليسوا بدائيين أو همجا وليسوا متخلفين حضارياً وثقافياً.. ولكنهم وجدوا طول الوقت أمامهم من يحارب الإسلام ويطمس صورته الحقيقية، ويغطيها بالعنف والدم، بينما لم يجدوا مسلماً واحداً يحاورهم دون أن يحمل سكيناً أو مسدساً أو قنبلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة