إيمان مرسال..تجارة «القرنس» فى ثوبها الجديد

الخميس، 31 ديسمبر 2009 10:44 م
إيمان مرسال..تجارة «القرنس» فى ثوبها الجديد إيمان مرسال
وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتمت عامها الثالث والأربعين منذ أيام، لكن اسمها لم يكن مطروحا للتداول الإعلامى إلا منذ 45 يوماً تقريباً، حينما أذيع خبر موافقتها على ترجمة ديوانها الشعرى «جغرافيا بديلة» إلى العبرية، وطوال هذه الأعوام الممتدة إلى ما يقرب من خمسة وعشرين عاما، هى المدة التى قضتها فى الوسط الثقافى فى القاهرة منذ مجيئها من بلدتها «دكرنس»، لم يكن حضورها يتجاوز المنتديات والمواقع والصفحات الثقافية المتخصصة.

فجأة وبلا مقدمات تصدر اسمها الصفحات الأولى للجرائد واسعة الانتشار، والقصة بدأت حينما أرسل المترجم الإسرائيلى الشهير «ساسون سوميخ» رسالة «لمرسال» عبر بريدها الإلكترونى يطالبها فيها بالموافقة على ترجمه ديوانها ونشره بإسرائيل، ولم يكن «سوميخ» يتخيل أن الشاعرة المصرية ستوافق، لكنه استثمر إقامتها فى الخارج ومعارفها الممتدة والمتشعبة بالمؤسسات والشخصيات الثقافية الغربية، ليصنع «حركة وفيها بركة» أرسل «سوميخ» الإيميل، ولم يكن يتخيل أن ربيبة الحركة اليسارية ستقبل الترجمة إلى العبرية، والتعاون مع الكيان الصهيونى، وتوافق عليه، وترحب به، كما لو كانت تنتظره بفارغ صبر، وكانت المفاجأة السارة لسوميخ تنتظره فى الـ«inbox» وافقت «مرسال» على ترجمة ديوانها ولم تمانع فى أن تتعاون مع دار نشر «الكيبوتس الموحد» التى ترسخ الاستيطان، وتعمل على تدعيمه ثقافيا، لتشارك آلة الحرب الإسرائيلية فى تدعيمه عسكرياً، على جثث الأطفال وآهات الأمهات، ودموع الأرامل.

ضجة ثقافية كبيرة أحدثتها «مرسال» بموافقتها على ترجمة ديوانها، والمشكلة لم تقف عن حدود ترجمة الديوان فحسب، بل دلت قضيتها على شرخ كبير تعرضت له الجماعة الثقافية فى مصر، وبلا مناسبة ولا منطق، انقلب مهاجمو التطبيع إلى مدافعين عنه، بينما تبدل رأى آخرين من الممانعة التامة إلى التسامح بقدر، وهذا القدر كان كما لو أنه «على قد إيمان»، بما يعنى أنه موقف «تفصيل» فى ظهور مفاجئ لحرفة «الخياطة» بعد أن ظن الكثيرون أنها انقرضت مع انتشار محلات «المواقف الجاهزة».

ترزية المواقف فصَّلوا آراءهم بحسب ما ارتكبته إيمان، ليعلنوا أنها لم تذنب، ولم تفعل شيئا يستحق الهجوم ولا الاعتراض، وتفننوا فى ابتكار الحجج التى تبرر لمرسال ما فعلته، فقال بعضهم، إنها لم تكتب عقداً ليصبح التطبيع رسميا، وكان الرد على هذا، إن عدم كتابتها لعقد دليل أكبر على التطبيع غير المشروط، وتبادل المحبة مع الكيان الصهيونى العنصرى، كما لو كانوا «عشرة عمر» يربطهما كلمة شرف، وليس من الطبيعى أن يقاطع فنانون غربيون شرفاء هذا الكيان الصهيونى فى الوقت الذى يمد له يديه من علت الدماء وجوههم، وصمَّت الصواريخ آذانهم، وأتاهم الموت من كل مكان، وكانت الحجج المتداعية أقبح من أن تتخفى، وأوقح من أن تستتر، إلا أن العديد من الأصوات الناصعة أعاد للموقف المصرى إباءه وشموخه وتوالت حملات الرفض، وفى عدد جريدة أخبار الأدب التى خصتها «مرسال» بمقال فتحت فيه النار على من انتقدوها، عرًّف الدكتور جابر عصفور التطبيع بأنه أى تعاون مباشر مع أفراد أو مؤسسات العدو الصهيونى، بما يجلب المنفعة على الكاتب سواء كانت مادية كزيارة إسرائيل، أو كتابة عقد، أو الحصول على أموال، أو معنوية كتدوال وسائل الإعلام الإسرائيلية للكاتب بالإشادة، أو الدعوة للمؤتمرات الدولية، أو الترجمة إلى اللغات العالمية، وبالفعل لم تمض أيام قليلة إلا ونشر «سوميخ» مترجم الديوان مقالا يدافع فيه عن «مرسال»، لينقذها من أبناء بلدها القساة، وقال عصفور فى حديثه، إن العدو مازال عدوا، وإن التطبيع ليس خيانة وإنما هو خروج على الجماعة، وابتزاز لها، ابتغاء مكاسب شخصية، وقتها تذكرت تجار «القرنس» فى زمن الاحتلال الإنجليزى، الذين كانوا يتعاونون من محتليهم، ويجنون من وراء تجارتهم مكاسب باهظة، وهذا يدل على أن المطبع قد لا يكون خائنا، لكنه تماماً مثل «تاجر القرنس» الذى رضى أن يخدم عدوه مقابل حفنة مكاسب من وراء ظهر «الجماعة» ووقتها أيضاً تذكرت أن التاريخ حقا يعيد نفسه.

لمعلوماتك...
2009 حصلت إيمان على الدكتوراه من جامعة القاهرة بعنوان «صورة أمريكا فى أدب الرحلة العربى»









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة