سعيد شعيب

الاستثمار فى المستقبل

الأربعاء، 30 ديسمبر 2009 12:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس غريبا أن تخصص شركة سامسونج اليابانية 27 % من طاقتها فى قسم الأبحاث، فحسب ما نشره موقع «اليوم السابع»، قال دوك بارك مدير فرع القاهرة إن الشركة استثمرت 5.5 مليار دولار أمريكى لتأمين أكبر براءات الاختراع فى الولايات المتحدة الأمريكية.

أى أنهم يدفعون مسبقا عربونا لهذه الاختراعات وبهذا الرقم الضخم وفى بلد واحد.. فلك أن تتخيل كم يدفعون فى باقى دول العالم، وهم يتوقعون أن يحققوا بالطبع أرباحا أضعاف ما دفعوه، فحسب قولهم يمكن أن تصل إلى 17 مليار دولار. هذا الاهتمام الشديد بالبحث العلمى لا يقتصر بالطبع على شركة سامسونج، ولكنه منهج عام لدى كل الشركات الكبرى فى العالم، كما أنه نهج بديهى لكل الدول المتقدمة، وتلك التى تريد أن تكون متقدمة مثل الصين والهند والكثير من دول جنوب شرق آسيا.

ولا أريد أن أكون محبطا لنفسى وللقارئ الكريم.. ولكن لابد من عقد مقارنة مع أوضاعنا المزرية فى مصر، فربما تدرك السلطة الحاكمة ومعها رجال الأعمال أن الأمر ليس فيه أى رفاهية، فهو فى زمننا مسألة حياة أو موت.. فالمنافسة الآن لم تعد على الموارد الطبيعية، كما كانت فى الفترة الاستعمارية، ولكنها الآن فى المعلومات، بمعناها الواسع وعلى رأسها بالطبع البحث العلمى.

من الناحية الشكلية لدينا شىء تمام التمام، لدينا أكاديمية للبحث العلمى، ومركز قومى للبحوث، والعديد والعديد من المراكز البحثية فى كل المجالات، منها مثلا مركز بحوث الصحراء وآخر للبحوث الفلكية والجيولوجية، وثالث لأمراض العيون ورابع وخامس.. إلخ، وأضف إلى كل ذلك مدينة مبارك للأبحاث العلمية.

لكن كل هذا مجرد «يافطات»، والسبب الأول ميزانياتها الهزيلة، فهى لا تتجاوز، حسب تصريح للدكتور أحمد جويلى أمين مجلس الوحدة الاقتصادية بالجامعة العربية، 2.4 % من ميزانية البحث العلمى فى العالم.. ولا تتجاوز 3 % مقارنة بميزانية الدولة المصرية.

السبب الثانى هو أن الجامعات عندنا أصبحت وظيفتها تخريج «حفيظة» لمناهج ليس فيها أى إبداع أو ابتكار.. ومعظمها، إن لم يكن كلها، منقول عن الخارج.. فقد تخلت الجامعات عن دورها الأساسى وهو البحث العلمى وبجواره التعليم الحقيقى.. والسبب هو أنها كيانات غير مستقلة كما كانت، ولكن تم إلحاقها ببيروقراطية السلطة الحاكمة.

أضف إلى ذلك أن الشركات الكبرى عندنا وأصحابها من رجال الأعمال لا يخصصون- حسبما أعرف- أى جزء من أرباحهم لهذا الاستثمار الاستراتيجى الخطير، رغم أنهم أصحاب مصلحة مباشرة.. ولكنه ضيق الأفق، بقايا نظرية «اكسب واجرى» التى يجب أن يتخلصوا منها،. فلا يمكن أن تحقق أرباحا طوال الوقت، وأنت خارج سباق مرعب للمنافسة على العلم والاختراعات. أعرف أنك مثلى زهقت من هذا الحديث المعاد.. ولكنه مع ذلك ضرورة حتمية، يستحق أن يكون مشروعا قوميا حقيقيا يتبناه العقلاء من الحزب الحاكم وتتبناه المعارضة، فهو استثمار فى المستقبل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة