اندهشت عندما قالت لى المسئولة عن الموقع الإلكترونى، إن فريقها لا يتجاوز 6 أفراد. وأضافت بأسى: الصحفيون العاملون فى الجريدة يرفضون التعاون معها.
كنت فى زيارة لجريدة "لاستامبا"، وهى ثالث جريدة من حيث التوزيع والتأثير، وتصدر من مدينة تورينو، ففى إيطاليا ليس بالضرورة أن تصدر الصحيفة من العاصمة حتى يقرأها الملايين فى كل مكان. وزادت دهشتى لأنها جريدة كبيرة وهامة، ومع ذلك لم يصل القائمون عليها للمزاوجة بين الموقع الإلكترونى وبين الجريدة اليومية المطبوعة. فهم يتعاملون، مثلما يحدث عندنا، باعتبار الإنترنت فترينة لعرض المنتجات المطبوعة، وليس باعتباره وسيطا مختلفا يقدم منتجا إعلاميا مختلفا.
نائب رئيس قسم الخارجى فى الصحفية لم تكن لديه إجابة واضحة عندما سألته عن الكيفية التى يتعاملون بها فى الجريدة اليومية مع الخبر الذى يتم بثه عبر وسائط أخرى فى ذات اللحظة، وهم صحيفة يراها القارئ فى صباح اليوم التالى.. بل يمكننى القول إن السؤال لم يكن مطروحا عليه.. ربما لأن "لاستامبا" يطبعونها بعد الثانية عشرة مساء، أى يكونون قد أخذوا كل الأخبار الممكنة، ولكن حتى فى هذه الحالة فهناك تأخير فى نشر الأخبار التى نشرتها وسائط أخرى قبلهم بساعات.
إذن فى إيطاليا التى ليس لديها موقع إلكترونى إخبارى، هم فى ذات المأزق: لقد تم نشر الخبر على الموقع، ماذا سنكتب فى الجريدة اليومية؟
بدون شك هو سؤال كبير وصعب، فلا يمكنك أن تبيع ذات البضاعة الإخبارية مرتين، وخاصة بعد أن أصبح متاحا لمستخدم الإنترنت الحصول على نسخة جريدة ديجيتال، مثلما فعلت اليوم السابع منذ أيام، بل وستكون هذه النسخة مسموعة أيضا، ويتم نشرها قبل موعد صدور الصحف اليومية بساعتين على الأقل.
ربما تكون الإجابة هى أن المطبوع سينقرض لحساب الإلكترونى، ولكنها إجابة سهلة، لأنها تستسلم لمنافسة وسيط جديد، فى حين أن الصحافة المطبوعة ومعها السينما والمسرح لم يستسلموا عندما ظهر التليفزيون، وقاوموا الانقراض، ونجحوا فى خلق ما يميزهم.
هذا بالضبط هو ما يمكن أن تفعله الصحافة المطبوعة الآن.. البحث عما يميزها عن باقى الوسائط، لكن هذا يستلزم عزم حديدى وخيال لا حدود له.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة