هانى صلاح الدين

الهجرة تعلمنا التخطيط ودقة التنفيذ

الأحد، 20 ديسمبر 2009 12:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع بداية كل عام هجرى يتملكنى شعور بالعز والافتخار، لما قام به نبى الأمة من تخطيط لحدث، أقل ما يوصف به أنه عبقرى، فقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم كيف يكون التخطيط العلمى الدقيق، الذى لا ينتظر الصدفة، أو يعتمد على البركة والعشوائية، ففى الوقت الذى يستعد فيه أعداء الرسالة الجديدة لاغتيال قائدها، قام نبينا بالتخطيط الدقيق لرحلة الهجرة المباركة ومن أهم ما تستفيده الأمة من هذا الحدث:

* العبقرية فى التخطيط واتخاذ الأسباب، فكان صلى الله عليه وسلم، متوكلاً على ربه واثقاً بنصره، لكنه خطط جيدا واختار الأفراد الصالحين لمهام الهجرة فالمساعد أبو بكر الصديق، والفدائى على بن أبى طالب، وحاملة التموين أسماء بنت أبو بكر، وكانت "حامل" أى لا يحاط بها أى شك، والاستخبارات، والتغطية وتعمية العدو كان لعامر بن فهيرة، ودليل الرحلة عبد الله بن أريقط.

* الأمانة والمحافظة على القيم الإنسانية، حتى لو مع العدو، فقد حرص النبى على ترك على بن أبى طالب بمكة، من أجل رد الأمانات الخاصة بمشركى مكة وذلك للمحافظة على القيم الإنسانية وتدعيمها.

* التخطيط الجيد للمستقبل، فما خرج النبى مهاجرا إلا بعد استقرار أنصاره بالمدينة، واستقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية لهم هناك، وعلينا أن نعى ذلك جيدا فالتخطيط للمستقبل جزء من الإيمان، فلا يصلح أن نعيش بشكل عشوائى ولا نخطط لمستقبل أبنائنا.

* التعاون مع الآخر على أرضية العلاقات الإنسانية، والاستعانة به والاستفادة من خبراته، وقد وضح ذلك فى استعانة النبى صلى الله عليه وسلم بخبير طرق على أعلى كفاءة وهو عبد الله بن أريقط، وهو مخالف للمسلمين فى العقيدة، لكنه امتلك خبرة فى مجال لم يبارٍه فيه مسلم، فوجب التعاون معه، وهنا علينا أن نستفيد من كل تقدم الغرب والتعامل معه على قدم المساواة، مع الاحتفاظ بالهوية والثوابت لدينا.

*كما من الدروس التى تصلح لنا فى عصرنا من هذا الحدث العظيم، الاعتماد على الشباب وعدم تهميش دورهم، تحت دعوى عدم الخبرة أو صغر السن، ويتجلى ذلك فى الدور الذى قام به على بن أبى طالب رضى الله عنه، حين نام فى فراش النبى صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة، ويتجلى من خلال ما قام به عبدالله بن أبى بكر؛ حيث كان يستمع أخبار قريش، ويزود بها النبى صلى الله عليه وسلم وكلهم كانوا فى مهد الشباب.

*الضحية من أجل تحقيق الهدف الأسمى، حتى لو كلفنا ذلك التفريط فى المال أو الأحباب، فها هو صهيب الرومى عندما أراد الهجرة إلى يثرب امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حاول الكفار منعه وقالوا له: "أتيتنا صعلوكا حقيرا فكثر مالك عندنا ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك! والله لا يكون ذلك". فقال لهم صهيب: "أرأيتم إن جعلت لكم مالى أتخلون سبيلى؟ قالوا: نعم. فدلهم على ماله وخلوا سبيله.

ولما علم الرسول القائد صلى الله عليه وسلم بالأمر قال: "ربح صهيب ربح صهيب..." وهنا تتجلى التضحية وتحمل الصعاب من أجل تحقيق الهدف.
إنه حدث جلل، تفرد له الصفحات، وينفق فيه مداد الأقلام، ويستوعب منه آلاف الدروس والعبر، لكن لا أريد الإطالة، وأكتفى بهذه النقاط لعل أمتنا تعيها جيدا وتطبقها.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة