لا أظن أنه يكفى أن تكون ضد الكيان الصهيونى حتى تصنع فيلما جيدا. هذا ينطبق على فيلم "ولاد العم"، فالفن فى النهاية فن، أى لابد أن يكون مصنوعا بقوانينه التى تكشف مساحات من.. ولعل القارئ الكريم يتذكر جيدا العديد والعديد من المسلسلات التليفزيونية، منها مثلا "الثعلب" و"الحفار" لم يتركوا أثرا رغم أنهما يتناولان أيضا الصراع بين المخابرات المصرية والموساد.
فى حين أننا جميعا لا ننسى أعمالا للراحل صالح مرسى، ومنها "رأفت الهجان"، لأنها احترمت قوانين الفن وقدمت رسالتها بإبداع فنى رفيع المستوى.. حتى إن الصحافة الإسرائيلية كانت تكتب وقتها مشيرة الى أن الدراما التليفزيونية للعظيم صالح مرسى هى التى تقود أكبر حزب شعبى ضد التطبيع.. وكان المقصود بالطبع تأثيرها الهائل والذى لا يمكن مقارنته بتأثير السياسيين المناهضين للتطبيع.
خذ مثالا آخر، فيلم "ناصر 56" للسيناريست العظيم محفوظ عبد الرحمن وشهد إقبالا جماهيريا منقطع النظير.. فى حين أن فيلم "ناصر" للمخرج أنور القوادرى لم يحظ بأى حفاوة، ويمكننا القول إنه سقط سقوطا ذريعا.. رغم أن الفيلمين يتناولان ذات الشخصية الدرامية الكبيرة جمال عبد الناصر.
لذلك كانت صدمتى بالمعنى الفنى كبيرة فى المخرج شريف عرفة، فقبل "ولاد العم" قدم للسينما أحد أهم الأفلام فى تاريخها، وهو "الجزيرة"، سيناريو وحوار غاية فى الإتقان والمهارة، ورسالة عميقة وممتعة، وتجعل هذا العمل قابلاً لأن نراه فى كل زمان ومكان لنعيد اكتشافه واكتشاف أنفسنا.
أما "أولاد العم"، فالسيناريو ساذج، ربما لأن كاتبه عمرو سمير عاطف اعتقد أن الجمهور سوف يسامحه على أى شىء طالما أنه يعادى إسرائيل.. وأظن أنه مخطئ.
فقد كان الضابط المصرى كريم عبد العزيز يتحرك فى شوارع إسرائيل كأنه فى شبرا، ودخل مبنى الموساد وكأنه يقتحم مجمع التحرير.. ناهيك عن الارتباك الشديد فى تناول المجتمع الإسرائيلى.. ولا أقصد طبعا أن يجعله الجنة أو الجحيم، ولكن ليس هناك منطق فنى، وخاصة أنه يتناول مساحة جديدة تماما على الدراما وهى المصريون العاملون فى إسرائيل.
ربما ما خفف وطأة خطايا السيناريو، إتقان باقى العناصر، التصوير، الموسيقى، المونتاج، الأكشن، والتمثيل البديع لكل الفريق.. وربما أيضا المزاج الإيجابى السائد فى بلدنا والذى يحتفى بكل ما هو مصرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة