الانتخابات الطلابية مهزلة تشهدها الجامعات المصرية كل عام، فمنذ مطلع التسعينيات، والجامعات وقعت تحت السيطرة الأمنية، التى أحكمت قبضتها عليها، وذلك تحت دعوى محاربة التطرف والإرهاب، وتحت هذه المظلة وجدنا مصادرة لحريات الطلاب بمختلف انتماءاتهم السياسية، وتزويرا للانتخابات، واعتقالا لمن يحاول أن يعبر عن رفضه لهذه السياسة الغاشمة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وجدنا القمع وصل لدرجة الفصل التعسفى لبعض الطلاب، كما وجدنا أن بعض الجامعات تقوم بحرمان الطلاب من أداء الامتحانات بسبب ممارستهم أنشطة طلابية، وبالرغم من حالة الاحتقان التى تشهدها الجامعات نجد وزير التعليم العالى د. هانى هلال يخرج علينا بتصريحات مستفزة، ومنها تأكيده أن الجامعات تشهد حرية مطلقة فى مزاولة الأنشطة الطلابية، كما نجد أن تصريحاته تناقض بعضها البعض، ففى الوقت الذى يعلن فيه تصريحاته الوردية عن الحريات بالجامعات، نجده
يؤكد على رفضه لممارسة أى أنشطة سياسية داخل أسوار الجامعات.
ونجد أن معالى الوزير بتصريحاته هذه يتناسى الدور السياسى الذى لعبه طلاب الجامعات فى مصر، فالجامعة منذ إنشائها وهى تشكل حضّانة أفرزت لمصر عشرات من الزعماء السياسيين، وليسأل معالى وزير التعليم العالى كوبرى الجامعة عن دم طلاب مصر الشرفاء الذين سطروا بحروف من نور صفحات مضيئة فى تاريخ النضال المصرى.
إن ما يقوم به الأمن ووزارة التعليم العالى حاليا من مصادرة الحريات وتزوير الانتخابات، يدفع أبناءنا للسلبية أو التطرف، فكيف نطالب طلابنا الجامعيين بالمشاركة فى الحياة السياسية وهم يرون قيام الدولة بتزوير صوته تحت سمع وبصر الأجهزة الحكومية؟! بل كيف نطالبه بالانتماء وهو يرى النظام المصرى يحرمه من أقل حقوقه فى التعبير عن نفسه؟
إن النظام المصرى يستهدف تكوين جيل سلبى خانع، لا يستطيع أن يقول لا، بل يحرص النظام على غرس الخوف والهلع فى قلوب هؤلاء الشباب، وذلك من خلال هروات الأمن القاسية التى تطيح بكرامة المصريين، حتى يتسنى له قيادة الأجيال القادمة التى تربت على هذا الخوف، متصورا أن شبابنا سيرفع شعار سمعنا وأطعنا.
ولكن بالرغم من كل هذا القهر، إلا أننا نجد شبابنا مصمم على انتزاع حريته، كما أن شباب مصر لن يرفعوا الراية البيضاء، ولكن كل ما نخشاه أن تستمر المواجهات الأمنية مع الشباب، فينحرف البعض لأفكار العنف وندخل دوامة الدماء من جديد، ووقتها نتمنى أن يعود شبابنا لثقافة صندوق الانتخابات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة