دعنى أقول لك بصراحة إن هذا الاختطاف هو الكارثة الكبرى التى جعلت مصالح الصحفيين المهنية والحياتية مرة «يشوطها» المؤيدون للسلطة الحاكمة ومرة «يشوطها» معارضوها لتحقيق أهداف سياسية لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
فالصحفيون يدفعون ثمن استبداد السلطة الحاكمة التى تفرض قيودا على الأحزاب والتيارات السياسية، ولأنها قوى ضعيفة، يصبح الأسهل أن تسرق حقوق الأضعف منها، فتستعمر النقابات وتحولها لمنصة إطلاق نيران ضد المستبد الكبير، وساحة إطلاق أكاذيب تخفى انتهازيتهم وعوراتهم السياسية أمام أعضاء النقابات الغلابة.
ودعنى أقول لك ما هو أبعد من ذلك، وهو أنه لا فروق جوهرية بين الذين استعمروا نقابة الصحفيين، ومن أنصار السلطة ومعارضيها، فقد أدار الاثنان بذات المنهج الفاسد.. وإليك بعض الأدلة التى تتيحها المساحة:
1 - كلاهما لم يخض معركة حقيقية لإنهاء الوضع العبثى المتمثل فى أن مُلاك الصحف والأُجراء أعضاء فى ذات النقابة، فتجد ممثلا للمُلاك، أو مالك صحيفة، يرشح نفسه ليكون نقيبا للأجراء.. هذا حدث على سبيل المثال مع الأستاذين إبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد.
2 - لم يخض المعارضون والمؤيدون معركة حقيقية من أجل أجر عادل للصحفيين، يوفر الحد الأدنى لحياة كريمة، وهذا يعنى معركة ضد المُلاك وهم السلطة الحاكمة والقوى السياسية المعارضة ورجال الأعمال، ولكن كلاهما ناضل بشراسة ليحول الصحفيين لـ«شحاتين» على أبواب الحكومة والوزارات والشركات ورجال الأعمال، فيزيد «بدل التكنولوجيا»، أو يحصل على تخفيضات فى السكن والمواصلات.. مجرد مسكنات، وليس حلا للمشكلة الأصلية وهى الأجور، التى تجعل الصحفى يحصل بكرامة على احتياجاته.
3 - كلاهما لم يحاول، مجرد محاولة، عمل مشروع قانون جديد للنقابة، بدلا من القانون الحالى والذى يشترط على سبيل المثال موافقة الاتحاد الاشتراكى ووزارة الإرشاد القومى على العضوية.
4 - كلاهما، أى المؤيدون والمعارضون، لم ينشغل بتصحيح الأوضاع الفاسدة للقيد، فقد قاتلا لحرمان زملائنا من أية حماية، لأن الاثنين يصران على أن الممارسة ليست هى الفيصل فى العضوية.. ولكن عقد العمل الذى يمنحه المالك أو رئيس التحرير.
5 - المثال الأخير هو تواطؤ المعارضون على الكوارث التى تحدث فى الصحف المحسوبة على المعارضة، وتواطؤ المؤيدين على المصائب التى تقع فى الصحف القومية.
بالطبع هناك الكثير والكثير من أمثلة الاختطاف والاستغلال السياسى من المعارضين والمؤيدين، وحان الوقت لأن نتوقف نحن الأجراء على السير كالعميان وراء هذا أو ذاك.. حان الوقت لأن نختار من يدافع عن أجر وحرية كل الصحفيين، وأن نرفض بحسم هؤلاء الذين يركبون على أكتافنا ليقذفوا خصومهم بالطوب.. أو هؤلاء الذين يريدون تحويل عرقنا ومستقبل أولادنا إلى وردة فى عروة الجاكت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة