غاظنى التصريح الذى قاله الدكتور أحمد عكاشة منذ عدة أيام، أمام لجنة الصحة بمجلس الشورى، فهو امتداد للنظرة المتعالية على خلق الله، التى لا تريد الاعتراف بأن متعة متابعة كرة القدم ليست لها علاقة، حسبما قال على موقع اليوم السابع، إن المصريين يرون فى الكرة ما لا يروه فى السياسة، من تداول سلطة وشفافية ومساءلة ومحاسبة.. إلخ.
فالحقيقة أن هذا الكلام السهل لا يستطيع الصمود أمام أى منطق، ففى أعرق الدول الديمقراطية مثل بريطانيا، يتحمس المواطنون، ربما أكثر من المصريين، لفريق بلدهم، بل هناك الكثير والكثير من حالات الشغب التى تتسبب فيها المباريات بين مختلف الدول، وبالتالى فالأمر ليس له علاقة مباشرة بالاستبداد السياسى.
الحقيقة أن ما يقوله الدكتور عكاشة، مع كامل الاحترام له، مزاج سائد فى أوساط المثقفين والسياسيين، وبصراحة هو نوع من التعالى على المصريين، ولا يمكننى تفهم ما الذى يزعج معظم نخبتنا السياسية والثقافية فى أن يستمتع الناس بكرة القدم أو غيرها؟
لقد تمنيت أمس فوز المنتخب المصرى على الفريق الجزائرى، رغم أن كرة القدم ليست من أولوياتى، ولكن حماس الناس فى الشوارع، وحماسى معهم، جعلنى أحلم بالصعود للمونديال، وحزنت بشدة لأننا لم نحقق الحلم، فقد كانت البهجة والحماس الاستثنائى فى كل مكان، ولدى كل من رأيتهم، غنى أو فقير.. نوعا من التوحد خلف فريق بلدنا لا ضرر منه، بل على العكس كله فوائد.
لقد انتشيت وأنا أرى العلم المصرى يرفرف فوق السيارات وفى البيوت وفى أيدى الصغار والكبار، الفتيات والشباب، وابنتى الصغيرة طلبت منى بإلحاح أن أشتريه لها، فالعلم أصبح فى السنوات الأخيرة علامة لها معنى ودلالة هامة.. فقد كانت آخر علاقتى به فى طابور الصباح المزعج أثناء مختلف المراحل الدراسية، فهذه معانى توحدنا، فى حين أن السياسة بطبيعتها لابد أن تكون مصدر اختلاف.
بصراحة عداء الكثيرين من نخبتنا لكرة القدم هو دليل عجز، فهى لا علاقة لها بالناس، وفاقدة للقدرة على التفاعل الخلاق معهم، والأهم أنها تتعامل مع الناس باعتبارهم مفعولا به.. دورهم الوحيد فى الحياة أن ترفع هذه النخبة على أكتافها وتهتف باسمها.. وإذا لم تفعل فهى، أى الجماهير، جاهلة ومتخلفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة