"اندرو وماريو" صبيان توأمان فى الثالثة عشرة من عمرهما.. أسلم أبوهما طواعية، فوجدا نفسهما هدفا لحرب تحرير إسلامية بغرض إجبارهما على دخول الإسلام كرها، رغم بلوغهما سن الإدراك والاختيار، ورغم وجودهما من الأصل على دينهما وعدم اعتناقهما الإسلام من قبل فهما ليسا من المرتدين.
"وفاء قسطنطين" مواطنة مسيحية أسلمت طواعية أو كرها أو ضغطا، وعادت إلى دينها مرة أخرى طواعية أوكرها أو ضغطا، وكانت موضوعاً لجولات نضالية بين المسلمين والمسيحيين.
"مينا" شاب مسيحى من المنيا ارتاد بيت دعارة محترف لممارسة الجنس مع فتاة مقابل 200 جنيه .. كانت مصيبته أن الفتاة مسلمة فلقى مصرعة قتلاً وسط هتافات دينية.. وكأن أزمة الغيورين ليست فى ممارسة الدعارة، وإنما فى ممارستها مع ذمى.
هى نماذج على سبيل المثال وليس الحصر.. هكذا الصراع بين الأديان والعقائد فى مصر الآن... أشبه بصراع التعصب الكروى بين الأندية ومنافساتهم على اللاعبين، وبالطبع فإن دفة الصراع وقوانينه تكون فى قبضة النادى والفريق الأقوى.
حروب وندوات ودعوات تحذر من التعامل مع الكفار من النصارى القريبين ومن بعدهم اليهود البعيدين والحد حتى من إلقاء السلام عليهم، والنهى عن الاحتفال أو المباركة لهم فى الأعياد.
الأصل فى الدين الإسلامى أنه آخر الأديان ومتممها لتنظيم الحياة.. والأصل فى آليات الانتشار هو الدعوى إلى سبيل الرب بالحكمة والموعظة الحسنة.. والثابت فى تاريخ الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن نضاله كان ضد الملحدين وليس ضد أهل الكتاب، بل أيضا ليس ضد كل الملحدين، بل الذين يبدءون فى مقاومة الدعوى بالقوة.
الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان لا ينطق ولا يتصرف عن الهوى، تزوج مريم القبطية.. ولم يجبرها على الإسلام، وأحسن معاشرتها واحترم عقيدتها وأعيادها.
التعصب هو حالة قشرية تتناول ظاهر الأشياء وتدير حوله صراع ليبتعد عن الهدف الأساسى فى الاتجاه المعاكس.. فالصراع المتعصب فى الأندية الرياضية هو عنف معاكس للفكرة والهدف السامى للرياضة ومعنى الروح الرياضية.. وكذلك التعصب الدينى ضد أهل الكتاب ووصمهم بالكفر والإلحاد ووضعهم كهدف وامتداد للجهاد الإسلامى هو ابتعاد عن الدور الحضارى للأديان.
من وجهة نظر المتعصبين الآن فإن أهل الذمة أكثر خطورة من الملحدين بالدين الإسلامى وهم هدف أسبق عن الملحدين، فاللادينيون الآن بعيدون عن سهام المتعصبين مقارنة بأهل الكتاب.
مرجع هذا هو حالة التعصب المغرضة التى فرضها المتعصبون (ليس بسلامة نية)، بهدف تحويل الدين من دستور منظم للحياة إلى صراع فرق دينية دموى وقوده الناس والحضارة، وهدفه حماية الاستبداد والاستغلال والبعد عن مواجهة أزمات البشر الحقيقية، وفى مقدمتها الفقر والمرض والقهر، بل وفرض حالة من الحماية غير المباشرة للظواهر الاستعمارية وفى مقدمتها الصهيونية.
ليس من المصادفة أن تحول حالة الجهاد القشرية الصراع فى الأراضى المحتلة من صراع مع الصهيونية إلى صراع دينى أدى إلى تغير فى مراكز جبهات الصراع، ليتحول أبناء الوطن الواحد من حلفاء إلى أعداء والمستفيد هو المستعمر. ليس من المصادفة أن ترتفع أصوات الفتنة فى السبعينات لتعلوا على الأصوات المعارضة لاتفاقية كامب ديفيد.
وأعتقد أيضا أنه ليس من المصادفة أن تثار الفتن الطائفية الآن فى استخفاف بالعقول حول المرتادين بيوت الدعارة لاختلاف دياناتهم، أو خلق ساحات نضال وهمية لإجبار صبيين على الدخول فى الإسلام، أو التظاهر من أجل سيدة كرّت وفرّت بين الأديان.. فى مقابل ترسيخ سلوك الصمت والانكسار والخنوع أمام النهب والفقر والقهر والمرض والنضال الوطنى.
المتعصبون أيضاً لا ينطقون عن الهوى إنما لهم وحيهم ومصالحهم وتحالفاتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة