علينا أن نتعامل مع الحزب الوطنى باعتباره أكبر الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة من حيث عدد الأعضاء، ومع مؤتمره باعتباره الوحيد الذى لا تحاصره عربات الأمن المركزى، ومع سياساته باعتبارها أكبر من أوراق تطبع وشعارات تقال، ثم تنساها الحكومة التى هى الجهة المنوطة بتنفيذ سياسات الحزب المعلنة.
وعملاً بتوصية د. عبد المنعم سعيد: "ارفعوا أيديكم عن الحزب الوطنى"، سأرفع يدى ولكن بسؤال ليس عن التوريث أو المرشح القادم للحزب فى الانتخابات الرئاسية، وإنما بخصوص ما هو معلن ومطروح على أجندة المؤتمر السادس للحزب.. ما مستقبل الزراعة المصرية؟ وأضع بين قوسين ما يلى:
ـ التآكل الحاد فى أجود الأراضى المصرية الواقعة فى قلب الدلتا بفعل الزحف العمرانى العشوائى.
- النحر المستمر لشمال دلتا النيل بفعل ارتفاع منسوب البحر المتوسط.
- زيادة معدلات الصرف الصناعى والصحى فى نهر النيل وتأثيره المدمر على الزراعة المصرية.
- أزمة مياه الرى المستحكمة التى دفعت عدداً كبيراً من الفلاحين للرى مباشرة بمياه الصرف الصحى غير المعالجة، الأمر الذى أدى إلى انتشار التلوث الغذائى، وما جره على البسطاء من أمراض فتاكة فى مقدمتها الفشل الكلوى والسرطان.
- انكشاف الفلاح المصرى لأول مرة فى تاريخه، بحيث لم تعد الزراعة وهو مخترعها ، كافية لأن يجد طعامه وكساءه الضروريين، ومن ثم أصبح يجدها مهنة خاسرة، ويستعد لهجرها، هذا فى الوقت الذى تعمل فيه أغنى دول العالم على حماية فلاحيها ودعم حاصلاتها الزراعية، ليس فقط لتحقيق الاكتفاء الذاتى، وإنما لمواجهة خطر أن تعتمد على غذائها من الخارج، مثلما يحدث عندنا.
- انهيار المحاصيل الأساسية التى تميز بها الفلاح المصرى مثل القطن والأرز، وتراجع عدد كبير من المحاصيل التى يعتمد عليها الغالبية العظمى من الشعب المصرى مثل الفول والعدس والبصل .
أقفل القوسين وأعود للسؤال الذى أرفع به يدى لمؤتمر الحزب الوطنى السادس: ما مستقبل الزراعة المصرية؟
المتحدثون فى مؤتمر الحزب قالوا كلاماً جميلاً عن أهمية مساندة الفلاح ورعايته وحمايته من تقلبات السوق وإعلان أسعار المحاصيل قبل زراعتها، وأن الفلاح المصرى فى عيون الحزب وفى بؤرة اهتمامه.. كلام جميل، لكنى أشعر يقيناً أن هذا الفلاح محور مؤتمر الحزب الوطنى هو فلاح محمد عبد الوهاب فى أغنيته الشهيرة ، التى يتغنى فيها "بمحلى عيشته" ،والدليل أن جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب طالب خلال المؤتمر "برؤية واضحة فى مجال الزراعة ومرونة فى السياسات الزراعية".. يطالب من، إذا كان الحزب هو المسئول عن وضع السياسات وحكومته المسئولة عن تنفيذها ؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة