إبراهيم ربيع

المونديال ترجمة للتصنيف التاريخى بين كرة «الفطرة» وكرة «العقل»

الخميس، 08 أكتوبر 2009 09:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مونديال الشباب فى مصر يعبر عن نوعين أو صنفين من كرة القدم، يتواجهان ويتبادلان التفوق خلال مسيرة البطولة حتى يستقر الأمر فى النهاية إلى فوز الصنف الذى استخدم أكبر قدر من عناصر وأسس اللعبة فى مفهومها الحديث.. هناك «صنف» كرة «الفطرة» فى هذه المرحلة السنية، وكرة «العقل» التى تريد أن تتجاوز فطرة الموهبة إلى مزيد من الصقل العلمى لأساسيات اللاعب.

وربما يتجه كل صنف إلى الاستفادة من الصنف الآخر، فيما يخص مقومات قوته.. وهذا يعود بنا إلى التذاكر وإلى سنوات بعيدة عندما كانت البرازيل أكثر إمتاعا فى عروضها من الآن، لكنها على صعيد حصد البطولات كانت تبدو قريبة من الآخرين فى أوروبا.. ووقتها قال خبراء عالميون إن الكرة البرازيلية تحتاج بعضا من قوة الأداء الأوروبى وتنظيمه الدفاعى، لكى تكون مكتملة ولا يقف أمامها أحد.. ووافقهم البرازيليون فى ذلك.. وفى المقابل كلما تفوقت البرازيل أو الأرجنتين خرج خبراء أوروبا ليقولوا إن الكرة الأوروبية تحتاج إلى بعض خيال الكرة اللاتينية وخاصة البرازيلية.. وفى السنوات الأخيرة سعى كل طرف إلى أن يضيف لنفسه بعض مزايا الطرف الآخر، فرأينا البرازيل مختلفة تهتم أكثر بمركز حراسة المرمى وبصلابة دفاعاتها.. ورأينا بعض المنتخبات الأوروبية تمنح اللاعب حرية أكبر فى الحلول الفردية.

وفى مونديال الشباب بمصر.. تمثل أفريقيا وآسيا الكرة الفطرية التى تعتمد فى المقام الأول على الموهبة الفطرية للاعب، وتسيطر عليها النزعة الفردية والخلل فى التنظيم والنقص فى ثقافة الملعب، رغم المظهر العام الذى يوحى بالتفوق ودرجة الاستحواذ التى لم تعد مقياسا لتوقع النتيجة، وتتركها للظروف ومجريات اللعب.. فنجد منتخبات غانا ونيجيريا والكاميرون مثلا تلعب بفطرة وتسيطر، لكنها عندما تصل إلى اللمسة الأخيرة فإنها كثيرا لا تختار البديل المناسب من بين عدة بدائل.. وعندما يدخل هؤلاء الموهوبون المرحلة السنية الأعلى، ويخضعون لإدارة فنية أوروبية سواء بالاحتراف أو التدريب مع مدرب أجنبى، فإنهم يكتسبون مزايا الصنف الثانى الذى يعتبر الملعب معملا علميا، هدفه الوصول إلى النتيجة الإيجابية بصرف النظر عن الشكل فى الملعب.

وإذا كان منتخبا مصر والإمارات منتميين إلى هذا الصنف من الكرة، إلا أنهما يوفران لنفسيهما درجة من الصنف الآخر، لكن يظل المردود محدودا لأن بيئة الاحتكاك الكروى لدى كل منهما ضعيفة، وبالتالى تقل الاستفادة من ثقافة الملعب المطلوبة، علاوة على أن اللاعب العربى بشكل عام «مزاجى» لأنه ليس محترفا يتعامل مع الكرة على أنها مهنة.. ونرى فى المنتخبات الآسيوية درجة مختلفة من هذا الصنف بإيقاعها الأكثر سرعة الذى لا يلتفت إلى الحل الفردى إلا فيما ندر، لكنها تستخدم «الفطرة» فى التعاون الجماعى، وهى مبرمجة على ذلك على ضوء البنيان الجسمانى الذى يميزها من خفة فى الحركة.

ونأتى إلى التصنيف العالمى الذى يحصد كل الألقاب ممثلا فى الكرة الأوروبية واللاتينية.. وهى فى حد ذاتها مختلفة عن بعضها إلا أنها تتشابه فى القدرة على المنافسة والسيطرة على الكرة العالمية جاذبية وأداء وإنجازات ورأس مال.. ترتفع فى فرق أوروبا ومعها البرازيل والأرجنتين والأخيرة لم تشارك فى المونديال فى مقومات ثقافة الملعب وهم الأقدر على إدارة المباريات فنيا وخططيا وذهنيا حسب ما تريده.. فنرى المنتخبات الأوروبية فى البطولة تستوعب تفوق الفرق المنافسة ميدانيا، وتستخدم ثقافتها فى الفوز والتخطيط للاقتراب من اللقب.. وحتى عندما أتيحت الفرصة كاملة للمنتخب المصرى لكى يستغل ظروفا لصالحه فى مبارياته مع باراجواى التى لعبت ناقصة العدد، فإن ثقافته المحدودة حالت دون ذلك وأظهرت منتخب باراجواى خبيرا بثقافة الملعب ليبدو أمام الجميع وكأنه هو الذى يلعب مكتملا.. ونرى منتخب كوريا يسيطر تماما على الملعب، ولا يمنح منتخب ألمانيا فرصة لمغادرة نصف ملعبه، لكنه لا يحقق سوى التعادل وكادت الدقائق الأخيرة تشهد هزيمته رغم أن المنتخب الألمانى يشارك فى البطولة بدون نجومه الأساسيين لرفض أندية الدرجة الأولى التفريط فيهم فى ظل منافسات الدورى.

وعندما اهتمت البرازيل بصلابة دفاعها وحارس مرماها، اختزلت جزءا من متعتها الكروية لكنها أصبحت أقدر على الفوز.. وعندما زادت المواهب واتسع استخدام الحلول الفردية ظهرت أسبانيا على الساحة بقوة رهيبة وسبقتها إلى ذلك فرنسا واضطرت انجلترا إلى التخلى عن طبيعة أدائها البارد الذى يخلو من الجماليات.. واضطر أيضا نجم وخبير كروى بحجم بيكنباور إلى الاعتراف بأن ألمانيا أخطأت عندما لم تستعن بالمواهب الفطرية فى أفريقيا، وتتجه إلى التجنيس مثلما فعلت فرنسا.

كل هذه التفاصيل والتصنيفات الرئيسية والفرعية ممثلة فى مونديال الشباب.. ومنطقيا أن تذهب الترشيحات أولا إلى البرازيل وإسبانيا ثم يأتى من بعدها منتخبات أخرى من التصنيفين وبدرجات متفاوتة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة